Abstract:
الشك أن التنظيم هو أساس كل عمل سواء كان ثوريا أو سلميا ، و الثورة الجزائرية
كغيرها من الثورات الناجحة لم تخرج عن هذا القاعدة ، فقد حملت بذور االستمرار
ومقومات النجاح مستفيدة من التجربة السابقة للثورات الشعبية التي اعتمدت على القيادة
الفردية و الجهوية عكس ثورة الفاتح من نوفمبر التي اتخذت من الوطنية والقيادة الجماعية
شعارا لها ، و ظهر ذالك جليا في قيادتها السياسية والعسكرية المتمثلة في جبهة وجيش
التحرير الوطني ، هذا األخير تميز بتنظيم محكم وقاعدة صلبة وقيادة منضبطة صارمة
وشجاعة حملت على عاتقها مهمة توفير كل الوسائل و اإلمكانيات إلنجاح وتحقيق هذا
الهدف ، فكان من أولويتها توفير السالح الذي هو الغذاء األساسي للثورة و وقودها الذي
به تستمر في االشتعال ، لكن قادة الثورة األوائل سارعوا في تفجيرها ولم تتجهز بعد بما
يكفي من التجهيزات العسكرية واللوجيستيكية ، األمر الذي جعلها تعاني من النقص و
عرضة للفشل ، فتحرك مسؤلوها سريعا وقررا البحث عن طرق جديدة و أكثر ضمانا
وأمنا لتغطية هذا النقص ، فاستقر أمرهم على تشكيل و إنشاء مراكز وهياكل منظمة على
مستوى الحدود الشرقية والغربية وفي عمق البلدان المتاخمة لها ، و التي أبدت استعدادها
لحشد الوسائل واإلمكانيات الالزمة إلقامة هذه المنشاءات وضمان السير الحسن لها
وهي مجتمعة تحت مسمى القواعد الخلفية ، هذه األخيرة أسندت إليها مهام عديدة على
رأسها المساهمة في توفير و استقبال المساعدات بكل أنواعها وخاصة العسكرية منها
والتي كانت تقدم من البلدان الشقيقة والصديقة ليتم إرسالها فيما بعد إلى جبهات الكفاح
الشرقية والغربية
و في الحقيقة إن الموضوع الذي نحن بصدد دراسته و تفكيك عناصره و تحليل
مضامينه ذو أهمية و قيمة تاريخية كبيرة تتلخص في النقاط التالية :
- إظهار الدور الكبير الذي لعبته القواعد الخلفية لوحدات جيش التحرير الوطني في تنظيم
و دعم النشاط العسكري داخل و خارج التراب الجزائري
- كفاءة القيادة العليا للثورة و قدرتها على حسن تسير مواردها الطبيعية و البشرية البسيطة
و تنظيمها في وحدات سياسية و عسكرية ، بما يمكنها من مجابهة األطماع و المشاريع
االستعمارية الفرنسية في مختلف المجاالت
- إبراز عمق الكفاح التحريري المشترك بين بلدان المغرب الكبير ، خاصة مع تونس و
المغرب وقوة االرتباط بينهم ، حيث شكلت هذه الدول جسرا و حلقة وصل و ممرات بين
الدول الشقيقة و الصديقة التي لم تبخل على الثورة الجزائرية بما تحتاجه من مساعدات
مقدمة
و انطالقا من أهمية هذا الموضوع و حساسيته التاريخية تولدت فينا الرغبة في
اختياره كموضوع بحث و دراسة ، ولعل من أهم الدوافع و األسباب التي كانت من وراء
هذا االختيار نذكر منها :
- الدافع الذاتي :
المتمثل في الميول و الرغبة في البحث عن الموضوعات العسكرية للثورة التحريرية
خاصة موضوع جيش التحرير الوطني ، و محاولة إثراء و تعميق مستوى المعرفة
التاريخية
- الدافع الموضوعي :
تبين األهمية الكبيرة التي لعبتها القواعد الخلفية لجيش التحرير الوطني شرق الجزائر و
غربها ، و التي كان لها دور مهم في إمداد ثورة الفاتح من نوفمبر بالعدة و العتاد
- الرغبة في إثراء اإلنتاج الوطني بمادة معرفية أكثرا عمقا و تفصيال في موضوع قل فيه
اإلنتاج خاصة فيما يتعلق بالقاعدة الغربية
أما إشكالية هذا الدراسة فتتوقف على مجموعة من التساؤالت التي طرحنها نحن
لمعالجة هذا الموضوع ، منها ما هو أساسي و منها ما هو فرعي ، و هي على الشكل
التالي :
- ما الدور الذي لعبته القواعد الخلفية للثورة الجزائرية ؟ و كيف كان تأثيرها على مسار
الكفاح المسلح في مختلف مراحله ؟
- ما هي األسباب و الخلفيات و الدوافع التي كانت وراء نشأة القواعد الخلفية ؟
- ما هي ابرز هذه القواعد ؟
- كيف كان تنظيمها السياسي و العسكري ؟
- ما هي أهم مصادر تموين و تمويل هذا القواعد ؟ وكيف كان يتم دعمها ؟
- ما هي ابرز الدول التي كانت تغذي نشاط هذه القواعد ؟ وكيف لعبت تونس و المغرب
دورا في مساندتها ؟
- كيف انعكس نشاط القواعد الخلفية على وتيرة العمل السياسي و العسكري داخل الجزائر
و خارجها ؟
- ما هي الصعوبات و العراقيل التي واجهت هذه القواعد ؟ و كيف كان تأثيرها ؟
مقدمة
و لإلجابة على هذه اإلشكاليات وجب إتباع خطة بحث تتضمن العناصر التالية :
* المقدمة :
حاولنا فيها إبراز أهمية و قيمة هذه الدراسة و تبين خلفياتها ، ثم تطرقنا إلى طرح
اإلشكالية و ضبطها من خالل طرح العديد من التساؤالت منها ما هو أساسي و منها ما هو
فرعي كلها مرتبطة بموضوع دراستنا ، ثم بنينا خطة على هذه التساؤالت خطة منهجية
شاملة ، ثم تطرقنا الى ذكر أهم المصادر و المراجع التي اعتمدنا عليها ، كما حددنا
المنهج المتبع في ذلك ، لننتهي في األخير إلى تحديد جملة من الصعوبات و المشاكل التي
واجهتنا في بعض مراحل المذكرة .
* المدخل :
حاولنا فيه التمهيد لموضوع بحثنا قبل الولوج إليه من خالل ذكر و معالجة بعض النقاط
منها فكرة وحدة النضال و الكفاح ألمغاربي المشترك بين األقطار الثالث الجزائر تونس و
المغرب
* الفصل األول :
ركزنا في هذا الفصل على الجذور األولى لنشأة الجيش التحرير الوطني و تطوره
باعتباره المحرك األساسي لثورة الفاتح من نوفمبر ، الن مجاهدي جيش التحرير هم الذين
كانوا يغذون الحرب بتضحياتهم و يمثلون الثورة بدمائهم في ميدان المعركة ، كما تحدثنا
عن خصائص و أسلوب هذا الجيش في الكفاح و الذي انفرد بها دون غيره ، زيادة على
ذكر تطوره حسب المعطيات التي يفرضها الواقع و تقسيماته و تقسيم رتبه و فيالقه و
وحداته اإلدارية و القتالية و قوانينه و تعداده و طرق تموينه و تسليحه و بعض أهم
معاركه
* الفصل الثاني :
تناولنا فيه القاعدة الشرقية للثورة الجزائرية على الحدود التونسية بشي من التعمق ، و
التي أنشأها جيش التحرير الوطني كقاعد لوجيستية ذات أهداف إستراتيجية ، مع ذكر أهم
هذه القواعد و مواقعها الجغرافية و دورها في قلب موازين القوى لصالح الثورة التحريرية
كما تحدثنا في هذا الفصل عن دور تونس حكومتا و شعبا في دعم الكفاح التحريري داخل
الجزائر في إطار المصير الواحد و التاريخ المشترك ، لننتهي في األخير إلى ذكر
إستراتيجية المحتل الفرنسي لتطويق و تدمير هذه القاعدة الحساسة
مقدمة
* الفصل الثالث :
ذكرنا فيه القاعدة الغربية للثورة الجزائرية و التي كانت تتركز في الوالية الخامسة
بوهران و أيضا داخل بعض األراضي و المدن المغربية ، و التي استغلها جيش التحرير
الوطني لتهريب و تمرير السالح و الذخيرة الى المجاهدين في الداخل الجزائري ، كما
تحدثنا عن دور الحكومة المغربية و شعبها في دعم نشاط الثورة الجزائرية ، و عن طرق
تسليحها و تموينها و التسهيالت التي منحت للثوار الجزائريين من طرف المغرب ، لنمر
في األخير الى ذكر أهم الصعوبات التي واجهها جيش التحرير الوطني في القاعدة الغربية
سواء الصعوبات التي فرضتها فرنسا االستعمارية او الصعوبات المغربية
* الخاتمة :
توصلنا في الخاتمة الى جملة من االستنتاجات و النقاط ذكرت على شكل عناصر و جمل
منفردة ، بعد مرحلة من العمل و الجهد و التحليل و النقد اجبنا فيها على اإلشكال األساسي
لموضوع دراستنا
و لدراسة هذا الموضوع و تحليله اتبعنا المنهج التاريخي الوصفي في ذكر األحداث و
وصفها وصفا تسلسليا و رصد تطوراتها من حيث المحتوى و المضمون ، كما اعتمدنا
على المنهج المقارن ضمنيا بغية إبراز أوجه االختالف و التشابه و تبين حجم الدعم الذي
تلقته القواعد الخلفية في تونس و المغرب
و تم االعتماد على جملة من الكتب في إعداد موضوع أطروحتنا هذه ، و هي متنوعة
نوعا ما شملت مصادر و مراجع الى جانب الدوريات و األطروحات الجامعية من أهمها :
أ / المصادر : اعتمدنا عليها بصفتها المصدر األساسي و األول للمعلومة نذكر منها :
كتاب القاعدة الشرقية القلب النابض للثورة لمؤلفه الطاهر سعيداني ،وهو من ابرز الكتب
الذي اعتمدنا عليها بشكل كبير خاصة فيما تعلق بالهياكل التنظيمية واإلدارية لقاعدة
الشرقية في مختلف المجاالت
كتاب حياة كفاح و كتاب هذه هي الجزائر لصاحبهما احمد توفيق المدني تضمن هذان
الكتابان على معلومات مهمة عن جيش تحرير الوطني والقاعدة الشرقية والغربية كنا قد
أدرجنا بعضها في مذكرتنا هذه
ب/ المراجع : بصفتها كتب من الدرجة الثانية و هي مفسرة للمصادر وشارحة لها ،
نذكر من بينها :
كتاب جيش التحرير الوطني لمؤلفه بسام العسلي
مقدمة
كتاب الثورة الجزائرية و المغرب العربي و كتاب دور المغرب العربي و إفريقيا في دعم
الثورة الجزائرية لمؤلفه عبد هللا مقالتي
ج / المجالت و الدوريات : منها مجلة الذاكرة و جريدة المجاهد ومجلة أول نوفمبر
وغيرها
و خالل انجازنا لموضوع أطروحتنا هذه المعنونة - بالقواعد الخلفية للثورة
الجزائرية 1954 1962 – واجهتنا بعض الصعوبات و العراقيل نذكر من بينها :
* قلة الخبرة في مجال البحث كوننا في مرحلة التدرج األولى
* اختالف المعطيات و تضارب المعلومات بين بعض المصادر و المراجع في ذكرهم
إلحداث و وقائع
* ندرة الوسائل و قلة اإلمكانيات المادي