Abstract:
تشكل قضية الصحراء الغربية واحدة من أعقد القضايا المطروحة على الساحة الدولية في سياق تصفية الاستعمار، بالنظر إلى امتدادها الزمني وتداخل أبعادها السياسية والقانونية والإنسانية. لقد برهنت الوثائق الأممية والآراء القانونية الدولية، وعلى رأسها رأي محكمة العدل الدولية لسنة 1975، أن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره غير قابل للتصرف، ولا تسقطه أية ادعاءات تاريخية أو اتفاقيات ثنائية كاتفاق مدريد. كما أن استمرار الاحتلال وغياب الاستفتاء المنشود يمثل تحديًا صريحًا لمبادئ القانون الدولي ومصداقية نظام الأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار، برز دور الجزائر كفاعل إقليمي مبدئي وثابت في الدفاع عن حقوق الشعوب المستعمرة، وعلى رأسها الشعب الصحراوي. فموقف الجزائر لم يكن ظرفيًا ولا محكومًا بمصالح سياسية آنية، بل نابع من عقيدة دبلوماسية تستند إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما ما يتعلق بعدم شرعية الاستعمار وضرورة احترام مبدأ تقرير المصير. لقد دعمت الجزائر باستمرار الحلول السلمية، ورفضت فرض الأمر الواقع، وسعت إلى إبراز القضية الصحراوية في المحافل الدولية، خاصة داخل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
إن التزام الجزائر بهذه القضية لا يعكس فقط موقفًا تضامنيًا مع شعب جار، بل يعبر أيضًا عن تصور شامل للأمن الإقليمي قائم على العدل والشرعية الدولية. وفي ظل استمرار تعثر الحلول، فإن استئناف المسار الأممي نحو استفتاء حر ونزيه يبقى السبيل الوحيد لضمان تسوية دائمة تُنهي آخر بؤر الاستعمار في القارة الإفريقية، وتكرّس الاستقرار في المنطقة المغاربية.