الخلاصة:
بعد هذه الجولة البحثية توصلنا إلى نتائج من خلال ما تم التطرق إليه في الفصول والمباحث سواء منها النظرية أو الإجرائية، وهي نتائج تحاول اختصار المسافة بين الانشغال الإشكالي في بداية البحث أي في مقدمته، وبين ما يرصد من خلال السيرورة ككل لمجرى الدراسة وفحواها، فيكون ما نحن فيه الآن أجوبة للأسئلة المطروحة أو هي محاولة لتقديم أجوبة قد تقترب من جوهر المبتغى المنشود، ولذلك يمكن أن تكون هذه النتائج على النحو التالي:
- شهد قانون حماية المستهلك تطورا تاريخيا وتشريعيااستجابةلتحولات الأسواق وتعقيد العلاقات الاستهلاكية، وقد ساهمت هذه المسيرة في ترسيخ حقوق المستهلك وضمان توازن المصالح بينه وبين المهنيين.
- معالجة مشكلات التجارة الحديثة وذلك اتساع مجال التجارة الذي أدى إلى دخول منتجات أجنبية خطيرة ومعقدة في الإنتاج والتي رغم خطورتها تظل هذه المنتجات كثيرة التداول والاقتناء.
- الحاجة إلى وسائل قانونية لحماية المستهلك والتي تتمثل في قصور قواعد ضمان صلاحية المبيع المنصوص عليها في أحكام القانون المدني، وأيضا ضرورة توفير حماية قانونية إضافية للمستهلك ضد مخاطر المنتجات المتداولة.
- مواجهة تهرب المتدخلين من تنفيذ الضمان
- تناول المشرع الفرنسي معظم الإشكالات المرتبطة بهذه المسؤولية، سواء من حيث نطاقها الموضوعي الذي يشمل المنتج وعيوبه، أو من حيث نطاقها الشخصي الذي يحدد الأشخاص الملزمين بهذه المسؤولية (المنتج) والمستفيدين منها (المتضرر). ومع ذلك، فإن المسؤولية التقصيرية بشكل عام، ومسؤولية المنتج بشكل خاص، لا تزالان تخضعان للتحولات التي تفرضها مستجدات العصر والتقدم التكنولوجي.
- إن المشرع الجزائري ظل بعيدا عن تبني الأحكام المتعلقة بمسؤولية المنتج كما وردت في القوانين المقارنة؛ فجاءت التعديلات التي أدخلت بموجب المادة 140 مكرر بمثابة محاولة شكلية فقط لإقرار هذه المسؤولية، دون التطرق بعمق إلى الإشكالات التي تثيرها، مما جعلها قاصرة عن تحقيق الأهداف المرجوة منها.
- يعد التنسيق بين النظام الخاص بالمسؤولية عن المنتجات المعيبة والقواعد العامة من المسائل الهامة التي تهدف إلى حماية مصلحة المتضرر، من خلال ضمان حصوله على تعويض عادل عن الضرر الذي لحق به نتيجة عيب في المنتج، وتظهر الدراسة أن هذه الحماية تتحقق بتمكين المتضرر من حرية اختيار النظام القانوني الأنسب له، سواء أكان ذلك ضمن إطار القواعد العامة أم عبر الأنظمة الخاصة بالمسؤولية المتعلقة بهذا النوع من الأضرار.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أستحضر ما قاله الأصفهاني: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر"، ومن هنا يظل البحث مجالا مفتوحا، وتبقى فيه بعض الثغرات والفراغات التي يتسنى للقارئ المتميز، الذي فيه الخير والصواب، أن يملأها ويكملها.