Abstract:
لا شك أن مقاومة الأمير عبد القادر قد كانت في الفترة ما بين سنوات 1832م و1847م، عقبةً كبيرةً في وجه تقدم الجيش الفرنسي لاستكمال احتلاله الجزائر، فقد أنهك جيش الأمير الفرنسيين في معارك عديدة، وكبّدهم خسائر معتبرة في الأرواح.
ومن أجل القضاء على تلك المقاومة، انتهج الجيش الفرنسي جميع الطرق، فاستعمل سياسة الأرض المحروقة تارة، وسياسة المهادنة تارة أخرى، لكنّ أبرز الأساليب التي أثرت في مقاومة الأمير عبد القادر، حسب المؤرخين الجزائريين، كانت اختراق جيشه عبر الجاسوس الفرنسي ليون روش الذي كان يشتغل كاتباً خاصاً له.
ليون روش (Leon Roches) (27 سبتمبر 1809 - 1901)، ولد فيمدينة غرونوبل الفرنسية، كان سفير وممثل للحكومة الفرنسية في اليابان 1864-1868.
غادر ليون فرنسا في 30 يونيو 1832 للانضمام إلي والده الذي حصل على مزرعةفي الجزائرومكث في القارة الأفريقية طيلة 32 سنة .
بدأ روش في إخفاء كلّ ما قد يدلّ على أنّه شابٌ مسيحي، فبدأ بتعلّم اللغة العربية على يد شيخ جزائري اسمه عبد الرزاق بن بسيط حتى أتقنها.
وعند الأمير عبد القادر، تظاهر ليون روش بإسلامه، وقام بتغيير اسمه من ليون روش، إلى عمر.
شارك الملازم ليون روش في المعارك التي كانت تخوضها القوات الفرنسية ضدّ جيش الأمير عبد القادر.
بعد نجاحه في مهمته باختراق جيش الأمير عبد القادر، واستصدار فتوى من الطريقة التيجانية تبيح العيش مع الاحتلال، دخل روش بوابة الدبلوماسية بعد أن رُشّح من طرف الماريشال بيجو كمترجم فوري للخارجية الفرنسية في عام 1845، بحسب ما يذكره في مذكراته.
وفي عام 1846، أصبح سكرتيراً للمفوضية الفرنسية في طنجة بالمغرب.
ثمّ عيّن قنصلاً من الدرجة الأولى في ترييسته الإيطالية؛ مما أتاح له الحصول على خبرة قوية في الشؤون التجارية.