الخلاصة:
في ختام بحثنا ىذا نتعرض لذكر تقيمات لمعالقات وتأثيرىا المستقبمية التي
استنتجناىا بعد دراستنا لموضوع العالقات بين البابوية واإلمبراطورية البيزنطية ومسممي
صقمية من القرن التاسع إلى القرن العاشر.
إن العالقات بين البابوية ومسممي صقمية خالل القرنين التاسع والعاشر الميالديين
تمثل فصالً معقدا . لم تكن ىذه العالقات مجرد ً وحيوياً في تاريخ البحر األبيض المتوسط
ص ارع ديني أحادي البعد، بل كانت نسيجاً متشابكاً من المواجيات العسكرية، والضرو ارت
السياسية، والمبادالت الدبموماسية المحدودة، والتفاعالت االقتصادية والثقافية الضمنية. سعت
البابوية، بصفتيا قوة دينية وسياسية صاعدة، إلى حماية مصالحيا والدفاع عن العالم
المسيحي في مواجية التوسع اإلسالمي، الذي وصل إلى عتبات روما واستقر بقوة في
صقمية، محوالً . إياىا إلى قاعدة نفوذ إسالمي في قمب المتوسط
أظيرت الدراسة أن القرن التاسع كان يتسم بشكل كبير بالمواجية العسكرية
المباشرة، حيث ركز الباباوات عمى تنظيم الدفاعات وحشد التحالفات المسيحية لصد
اليجمات اإلسالمية ومحاولة استعادة األراضي المفقودة. كان الخطاب السائد ىو خطاب
الصراع، وكانت الجيود الدبموماسية، إن وجدت، محدودة النطاق ومرتبطة بقضايا آنية مثل
األسرى أو اليدنات المؤقتة.
أما القرن العاشر، فقد شيد تطو ار ، فمع ترسيخ الحكم اإلسالمي ً في ىذه العالقات
في صقمية، خاصة تحت الكمبيين، ومع تغير موازين القوى اإلقميمية، بدأت تظير أشكال
ِف أكثر وضوحاً من التفاعالت السياسية والدبموماسية. العداء، واستمرت البابوية في
لم يخت
لعب دور محوري في تنظيم المقاومة المسيحية، كما يتضح من معركة غاريميانو. ولكن، إلى
جانب ذلك، فرضت الضرورات البراغماتية نفسيا، مما أدى إلى اتصاالت دبموماسية لمعالجة
قضايا التجارة، والحدود، واألمن اإلقميمي. كانت ىذه االتصاالت تتم في سياق جيوسياسي
معقد، يتسم بالتحالفات المتغيرة والصراعات الداخمية ضمن كال المعسكرين اإلسالمي
والمسيحي.
الخاتمة
111
إن تحميل ىذه الفترة يكشف عن مرونة معينة في السياسات البابوية، حيث تكيفت
االستراتيجيات مع الظروف المتغيرة. فبينما كان اليدف األسمى ىو استعادة السيطرة
المسيحية عمى صقمية، فإن الواقع فرض عمى البابوية التعامل مع الوجود اإلسالمي كأمر
واقع، والبحث عن سبل إلدارة ىذه العالقة بما يخدم مصالحيا عمى المدى القصير
والمتوسط. اعتمدت البابوية عمى مزيج من القوة العسكرية والدبموماسية، مستفيدة من نفوذىا
الديني وقدرتيا عمى التأثير في القوى المسيحية األخرى.
تركت ىذه العالقات بصماتيا عمى التاريخ الالحق لممنطقة. فالصراع الطويل بين
المسممين والمسيحيين في صقمية وجنوب إيطاليا ميد الطريق في النياية لمغزو النورماني في
القرن الحادي عشر، والذي أدى إلى إنياء الحكم اإلسالمي في الجزيرة. ومع ذلك، فإن الفترة
اإلسالمية في صقمية خمفت إرثاً ثقافياً وحضارياً ىاماً، استمر تأثيره حتى بعد عودة الحكم
ً المسيحي. ، بين البابوية والعالم
كما أن تجربة التفاعل، سواء كان ص ارعاً أو تعايشاً محدودا
ً من الذاكرة التاريخية التي أثرت عمى تصو ارت
اإلسالمي في ىذه الفترة المبكرة، شكمت جزءا
كل طرف لآلخر في القرون الالحقة، بما في ذلك خالل فترة، الحروب الصميبية.
وأخيرا، يمكن القول إن دراسة العالقات السياسية والدبموماسية بين البابوية ومسممي
صقمية في القرنين التاسع والعاشر تقدم رؤية غنية حول تعقيدات التفاعل بين األديان
والحضارات في العصور الوسطى. إنيا تظير كيف أن الدين والسياسة والقوة العسكرية
واالقتصاد كانت عوامل متداخمة شكمت طبيعة ىذه العالقات، وكيف أن الفاعمين التاريخيين،
بما في ذلك الباباوات وحكام صقمية المسممين، اتخذوا قراراتيم ضمن سياقات تاريخية محددة،
متأثرين بمجموعة واسعة من الضغوط والفرص. يتطمب فيم ىذه الفترة تجاوز التصورات
التبسيطية لمصراع الدائم، والنظر بعمق إلى الديناميكيات المتعددة التي حكمت ىذا الفصل
اليام من تاريخ المتوسط.
د اركنا ألىميتو في د ارسة تاريخ
وفي الختام، وبعد ق ارئتنا لكتاب ميكيمي آماري وا
المسممين في صقمية أردنا أن نطرح موضوع لمدراسة مستقبال وىو دراسة منيج ميكيمي آماري
في كتابو" تاريخ مسممي صقمية".