الخلاصة:
تُعتبر القضية الفلسطينية واحدة من أقدم وأعقد النزاعات في العصر الحديث، وهي تمثل نموذجًا صارخًا لانتهاك قواعد القانون الدولي، سواء من حيث ممارسات الاحتلال الإسرائيلي أو من حيث استمرار حالة الإفلات من العقاب، بالرغم من عشرات القرارات الأممية التي تُدين السلوك الإسرائيلي وتؤكد على الحقوق الفلسطينية.
وقد بيّنت الدراسة، من خلال تحليل شامل، أن الاحتلال الإسرائيلي يُمارس انتهاكات منهجية ومستمرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تمثلت في جرائم القتل خارج نطاق القضاء، مصادرة الأراضي، التوسع الاستيطاني، الحصار الجماعي، وتقييد الحق في تقرير المصير. هذه الانتهاكات لا تشكل مجرد خروقات عرضية، بل تُمثل سياسة ممنهجة تستند إلى مشروع استيطاني إحلالي طويل الأمد، وهو ما يجعلها تُقارب في خطورتها "جرائم الفصل العنصري" (Apartheid) و"جرائم الحرب".
في المقابل، فإن دور جامعة الدول العربية، رغم مركزيته التاريخية والسياسية في دعم القضية الفلسطينية، ظلّ دون التوقعات، خصوصًا في ضوء التغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، وتنامي حالة الانقسام العربي، وتراجع مستوى التضامن الجماعي. فالجامعة اكتفت غالبًا بإصدار البيانات، وعقد المؤتمرات، دون أن تُطوّر آليات ردع حقيقية أو تحشد أدوات القانون الدولي بالشكل المطلوب.
تحليل فاعلية الجامعة:
من خلال المباحث السابقة، يمكن الوقوف على أبرز نقاط القصور في فاعلية الجامعة العربية:
• ضعف الأدوات القانونية الملزمة: فالجامعة تفتقر لآليات إنفاذ قادرة على إرغام أعضائها أو خصومهم على تنفيذ القرارات الجماعية.
• هيمنة الاعتبارات السياسية: حيث تتغلب التحالفات والولاءات الإقليمية والدولية على التزامات التضامن مع القضية الفلسطينية، ما يضعف وحدة القرار.
• غياب استراتيجية قانونية منسقة: فالمواقف العربية لم تُستثمر بشكل فعّال في مسارات القضاء الدولي، خاصة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
• التطبيع غير المنسق: دخول بعض الدول في علاقات رسمية مع إسرائيل دون التنسيق العربي المشترك، قوّض الموقف الجماعي وأضعف أوراق الضغط القانونية والدبلوماسية.