الخلاصة:
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل آليات التوسع العمراني وهيكلة المشاريع في المدينة الجديدة حاسي القارة بولاية المنيعة، في ظل التحديات البيئية والمجالية التي تميز المناطق الصحراوية. ومن خلال مقاربة تحليلية وتخطيطية، ركز البحث على رصد الإشكالات المتعلقة بضعف التنسيق بين الهياكل العمرانية، وتشتت المرافق، وغياب رؤية متكاملة للتوسع الحضري. توصلت الدراسة إلى أن النماذج العمرانية الحالية بحاجة إلى مراجعة جذرية، تقوم على مفهوم "المدينة المندمجة"، من خلال الربط بين المباني بالخدمات والبنية التحتية والمساحات الخضراء (التشجير الحضري). كما أوصت الدراسة باعتماد مقاربة تشاركية وبيئية مستدامة، تأخذ في الاعتبار الخصوصيات المحلية وتوظف تقنيات البناء والتسيير الذكي لمواجهة التغيرات المناخية والاجتماعية.
الوصف:
تكشف هذه الدراسة عن أهمية التخطيط العمراني المندمج في بيئات قاحلة وشبه قاحلة أن حاسي القارة يمثل وعاء عقاري جد مهم لمدينة المنيعة ، حيث تُعدّ التنمية العمرانية المستدامة خيارًا استراتيجيًا لمواجهة تحديات النمو السكاني، والتحولات الاقتصادية، والضغوط البيئية. ومن خلال تحليل واقع المدينة الجديدة واستغلال نتائج الدراسة، تم اقتراح نموذج عمراني متكامل يجمع بين الوظائف السكنية، والخدماتية، والبيئية، بشكل يعزز الترابط المجالي والنجاعة الطاقية.
وقد برزت أهمية دمج المساحات الخضراء بين المباني كمكوّن وظيفي وجمالي، يعزز مناخ العيش، ويقلّل من آثار الحرارة، ويدعم التنوع البيئي. كما تبرز ضرورة اعتماد تصميمات عمرانية مرنة وقابلة للتكيّف مع السياق الصحراوي، مع التركيز على الطاقات المتجددة، وتوفير البنية التحتية الذكية والمستدامة.
تمثل توصيات هذه الدراسة أرضية عملية لتجسيد مشاريع تنموية ذات بعد بيئي واجتماعي واقتصادي، تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المكان، وتضمن استدامة الموارد، وتُسهم في تعزيز الجاذبية العمرانية للمنطقة.
في ضوء ما تم عرضه من معطيات وتحليل حول مشروع التوسع العمراني في المدينة الجديدة حاسي القارة بولاية المنيعة، يتضح أن هذا المشروع يُعد نموذجًا مهمًا في إعادة توزيع السكان وتخفيف الضغط عن مركز المدينة، من خلال إنشاء نسيج عمراني منظم ومتكامل. لقد بيّنت الدراسة أن هذا التوسع العمراني يأخذ طابعًا وظيفيًا وتنظيميًا، يجمع بين البعد السكني والخدماتي، مع مراعاة الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ما يعكس توجهًا نحو تخطيط حضري مستدام.
ويبرز دور هيكلة المشاريع المصاحبة لهذا التوسع – كالمؤسسات التعليمية، الصحية، والمرافق الإدارية – في خلق قطب عمراني جديد يسهم في تحسين نوعية الحياة، ويدعم التنمية المحلية. غير أن نجاح هذا التوسع يظل مرهونًا بمدى تقوية الصلة بين المدينة الجديدة ومركز مدينة المنيعة، خاصة من خلال تطوير شبكة المواصلات وتوفير وسائل ربط فعالة ومنتظمة تضمن سهولة التنقل وتكامل الوظائف بين المنطقتين.
وبالتالي، فإن نوع التوسعة المدروسة في حالة حاسي القارة يندرج ضمن التوسع الموجه والمنظم، الذي يستهدف خلق أقطاب جديدة دون المساس بالتوازن العمراني العام، ويؤكد على ضرورة إدماج المدينة الجديدة في النسيج الحضري للمنيعة عبر بنية تحتية قوية، وشبكة مواصلات مترابطة، بما يعزز التكامل المجالي ويوجه النمو الحضري نحو مزيد من الفعالية والانسجام