Abstract:
يعتبر الشعر ديوان العرب فقد سجل أحسابهم وأيامهم وأنسابهم ، والشعر الجاهلي حافل بكثير من الأغراض الشعرية ، وليس موضوع بحثنا عامة هو دراسة للشعر القديم وإنما اقتصر على ضرب من ضروبه ألا وهو " الرثاء " بحيث يعد الرثاء من الأغراض والفنون الأصيلة عند العرب لأنه فن يتصل اتصالا مباشرا بالمشاعر والأحاسيس التي تنم عن موقف الشاعر الحزين إذ طالما بكى شعراؤنا من رحلوا عن دنياهم وسبقوهم إلى الدار الآخرة وهو بكاء يتعمق في القدم منذ وجد الإنسان ، ووجد أمامه هذا المصير المحزن: مصير الموت والفناء الذي لابد أن يصير إليه .
فقد كان يعرف العصر الجاهلي بكثرة الحروب والتقاتل بين القبائل العربية بسبب التزاحم على العيش من جهة ومن الأمم الأخرى المحيطة بهم والتي كانت تحاول قهرهم وإذلالهم من جهة أخرى ما لم يعرفه عصر آخر من العصور .
وكان هذا التقاتل يوقع الكثير من الضحايا وهذا الجو المأساوي كان يحرك المشاعر عند أصحاب وأهل القتلى بكثير من الدموع ، ومرارة من العبارات ولما كانت المرأة بحكم واقعها التركيبي هي أكثر من الرجل اشتعالا بالعاطفة وأقدر على التعبير مما يجول في النفس من أسى وتفجع ، كان الرثاء هو أكثر عند النساء منه عند الرجال في العصر الذي نتحدث عنه ، وفي غيره من العصور .