Abstract:
انطلاقا من مسلمة مفادها ان قضية مكافحة الجرائم الاقتصادية قضية رئيسية بالنسبة للجزائر، فالجرائم الاقتصادية بأشكالها المختلفة يعتبر موضوع مكافحتها من المواضيع التي تهم جميع فئات المجتمع و مؤسساته، لذلك كان لزاما الاهتمام بجهاز الضبطية القضائية و رفع مقدرته و كفاءاته حيث أصبحت إحدى الأولويات التي تسطرها الدول و من بينها الجزائر التي تقدر حجم هذه الظاهرة و أبعادها الحاضرة و المستقبلية بما يحقق إمكانية حصر هذه الظاهرة و التقليل من مخاطرها.
و إذا كان الدور الوقائي و القمعي الذي تمارسه الضبطية القضائية رغم المعوقات التي تواجهها و قلة إمكانياتها في مكافحة الجرائم الاقتصادية لا يمكن أن يؤتي ثماره الا مع تكاتف الجهود خاصة بما يتعلق منها بسن القوانين و التشريعات التي تتلاءم مع الطبيعة الخاصة لهاته الجرائم مع توسيع الصلاحيات و الاختصاصات للضبطية القضائية .
كما أن هذا النوع من الجرائم يعتبر من الجرائم غير مستقرة و ما تزال تفرز أنماطا و أنواعا مستحدثة و هي من الجرائم المتناثرة في أكثر من قانون ، فبعضها ورد النص عليها في قانون العقوبات و بعضها ورد في قوانين خاصة .
لذلك يمكن القول أن المشرع الجزائري بالرغم من النقائص الموجودة فهو قد خطي خطوة كبيرة إلى الأمام بإعادة تنظيم النصوص القانونية المتعلقة بالجرائم الاقتصادية إضافة إلى مسايرته لمختلف التطورات في مجال قمع و مكافحة هذه الجرائم بآليات خاصة للتحري عليها ، وتقصي مرتكبي تلك الجرائم ، حيث أصبح فاعلوها يستغلون التطور العلمي و العولمة التكنولوجية في جميع المجالات لتنفيذ جرائمهم و الإفلات من المتابعة الجزائية والعقاب .
وعليه كان من الضروري أن يتم اللجوء الى السبل الكفيلة والأساليب الحديثة والمتطورة في مجال الإثبات الجنائي ، ومن أحقية الدول بل من واجبها محاربتها واستعمال مجمل التشريعات في العالم لضرورة حماية المجتمع من خطرها ، و الحد من آثارها التخريبية على جميع المستويات ، وهذا ما أقرته اتفاقية الأمم المتحدة بنيويورك يوم 31-10-2003 المصادق عليها بالمرسوم الرئاسي المؤرخ : 19/04/2004 ، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ليوم : 15/11/2000 المصادق عليه بالمرسوم الرئاسي بتاريخ : 05/02/2002 إضافة الى الاتفاقيات العربية والإقليمية وكذا قانون العقوبات وقانون مكافحة الفساد والقوانين الخاصة .
إلا أنه يمكن أن نقول أن المشرع قد أوجد أساليب خاصة للتحري للحد ومكافحة الجرائم الإقتصادية ، ووضعها في يد الضبطية القضائية لمواجهة الجرائم الإقتصادية والتحري والكشف عنها وتقديم المجرمين أمام القضاء ، غير إننا نجد أن هذه الأساليب القانونية الخاصة تتطلب وسائل ، وجهود إضافية لنجاحها حيث أنها تستلزم:
- التحكم في التقنيات العالية خاصة في المجال الإلكتروني والسمعي البصري .
- توفير تعداد و كفاءات بشرية .
- أموال لتمويل المتسربين وخاصة مصاريف التنقل و الإقامة و حياة الرفاهية التي يجب توفيرها لهم لإقناع الجماعات الإجرامية .
- نقص التنسيق مابين المصالح .
و بذلك نكون دعمنا أساليب التحري الخاصة بالإمكانيات اللازمة ونتيجة لما سبق تبقى القوانين بحاجة لمسايرة التطور الحاصل للجرائم الإقتصادية من خلال تجهيز وسن القوانين المناسبة وتذليل الصعوبات من اجل تسهيل مهام الضبطية في مكافحة الجرائم الإقتصادية لا سيما التعاون و التنسيق الإقليمي و الدولي معا .