الخلاصة:
وصية المعتوه عنوان صادم مستفز ، لرواية تستبطن نفسية العربي في زمن التيه و المحن ، حيث الغياب في الحضور و الصراع في الخيال و الألم في الخفاء ، ذاك العربي الذي ضيع قضيته و استسلم لجلاده و مزقته الأفكار و تاه عن هويته ، فهو يبحث عن الأنا في ذاته و لا يسعفه الحضور وسط وطن تتآكله عادات بالية و استخذاء موهن و عزلة عن الحياة . و سلطة قد أوهنتها الفتن فلا تقوى إلا على التفنن في أذاه .
تلك هي الرواية الحدث للعام 2013 بنيل صاحبها جائزة الطيب صالح العالمية للرواية العربية ، و لم تنل حقها من الدرس و النقد ، و حري بها الدرس و التشريح و فك التشفير في بنياتها ، خصوصا أنها تحمل التوصيف الدقيق للعلة في النفسية العربية ، إنها وصفة تحمل خطة التطهير و العلاج في مضمراتها مما أوحى إلي بدراستها من خلال الدرس التداولي و بالضبط موضوع المضمر فيها ، إنها تعج بالمضمرات ، و إنما اخترنا منها ما يخدم الفكرة العامة وما آل إليه التأويل فيها .
نظن أنها دراسة جديدة ، و هنا تكمن صعوبتها ، و المضمر في ثوبه الغربي ضمن الدرس التداولي حديث النشأة و ما كتب فيه و جدد يكاد ينعدم بالعربية فيما هو بين أيدنا إلا ما كان من ترجمة لريتا خاطر لكتاب (المضمر) لأوريكيوني عن الفرنسية ، أو ما تناثر ضمن ما كتب عن التداولية كموضوع فيها ، أو ما كان عند طه عبد الرحمن ضمن كتابه الماتع (اللسان و الميزان ) ، من هنا كانت الصعوبة ، ثم إن التطبيق على رواية تشتد صعوبته في كون الرواية جديدة و لم يسبق لها درس جاد من هذا الجانب ، و لأن تطبيق الدرس التداولي على الرواية له معارضون ، و قد لا يستسيغه الكثير من النقاد في وقتنا الراهن .