Abstract:
إن من أهم ما أحدثته التحولات العالمية الجديدة من تأثير جذري في الفكر التسييري هو الاهتمام المتنامي بالمورد البشري باعتباره موردا استراتيجيا، وطاقة ذهنية، وقدرة فكرية، ومصدرا للمعلومات، والاقتراحات والابتكارات، والمعرفة الكامنة، والجودة الشاملة، وعنصرا فاعلا وقادرا على المشاركة الإيجابية، فهو يبحث عن المبادرة والسعي للتطوير والإنجاز، وبالتالي فإن المنطق الأساسي لتسيير الموارد البشرية يتمثل في ضرورة احترام المورد البشري واستثمار قدراته، وطاقاته وتوظيفها، واعتباره شريكا في العمل لا أجيرا، الأمر الذي جعل مفاهيم ذلك التسيير تختلف بشكل جذري عن مفاهيم تسيير الأفراد أو تسيير الموارد البشرية.
إن القيمة الحقيقة للمؤسسة تكمن في قيمة مواردها البشرية، والكفاءات الفردية والجماعية كرأس مال فكري، وقدرة توظيفها للمعرفة الكامنة فيه، وتحويلها إلى تطبيقات تحقق الأداء المتميز، وبالتالي تحسين القدرات التنافسية، فالتسيير الفعال لرأس المال الفكري يعد محددا أساسيا لأداء ونجاعة المؤسسة الاقتصادية، مما يتطلب من المؤسسات الراغبة في التفوق التنافسي أن تحسن الاستثمار في الموجودات الفكرية، وجذب الكفاءات ذات القدرات والمهارات، والمعرفة، والجودة الشاملة التي تفوق ما لدى المنافسين. ولأجل ذلك تأتي عملية تقييم المورد البشري و قياس أدائه من بين العمليات المهمة بالنسبة للإدارة و المورد البشري على حد سواء ، لما تمثله من مكانة أساسية في الخطة التسييرية التي تعتمدها المؤسسة في معرفة مستويات أداء المورد البشري و من ثمة القيام بكل ما يتعلق بتنميته و صيانته و هو السبيل الوحيد الذي يضمن للمؤسسة البقاء و التطور و النمو في البيئة التي تنشط فيها.
في هذا الاتجاه، جاءت هذه الدراسة المتواضعة ، لتسلط الضوء على الجوانب المتعلقة بأنظمة تقييم أداء الموارد البشرية في المؤسسة الاقتصادية و العمليات المتصلة بها من تحديد لمستويات الأداء إلى التدريب و الترقية ، باعتبارهما أهم المخرجات التي يفرزها نظام تقييم الأداء عموما ً.
لقد عالجت هذه الدراسة موضوع أنظمة تقييم الأداء و علاقتها بتنمية الموارد البشرية في بابين ، الباب الأول يمثل الإطار النظري للدراسة ، أما الباب الثاني فيشمل الدراسة الميدانية.
احتوى الباب الأول على خمسة فصول ، منها فصل واحد و هو الأول و يشمل المقاربات المنهجية للدراسة و التي تحتوي على الإشكالية و الفرضيات و المناهج المستخدمة و أدوات التقصي الميداني ، إلى جانب صعوبات الدراسة و أهم الدراسات السابقة التي عالجت مواضيع قريبة من موضوع هذا البحث.
أما الفصل الثاني فتطرق إلى إدارة الموارد البشرية من الناحية التاريخية و الوظيفية و أهم المراحل التي مرت بها منذ ظهورها إلى جانب أهم المدارس الفكرية التي تناولت موضوع تسيير الموارد البشرية ، بالإضافة إلى المكانة و الوظائف التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية عموما ً و في المؤسسة الاقتصادية على وجه الخصوص.
أما فيما يخص الفصل الثالث فسلط الضوء على تنمية الموارد البشرية في المؤسسة الاقتصادية والعمليات المتصلة بها ، باعتبارها أهم الوظائف التي تضطلع بها إدارة الموارد البشرية سعيا ً لتحقيق الموائمة بين أهداف المؤسسة و الأهداف الفردية للعاملين فيها.
في حين عالج الفصلان الرابع و الخامس العنصر الأساسي في هذه الدراسة و هو عملية تقييم أداء المورد البشري ، حيث وضحنا فيه الأثر المباشر لهذه العملية على تنمية المورد البشري ،و ذلك لكونها أحد مخرجات نظام تقييم الأداء.فتعرضنا إلى أهمية تقييم الأداء و أهم طرقه بالإضافة إلى نتائجه و العوامل المؤثرة فيه.
أما الباب الثاني والذي يمثل الدراسة الميدانية إحتوى على فصلين ، الأول و هو الفصل السادس في خطة البحث، عبارة عن التعريف بميدان الدراسة ، و هي مؤسسة توزيع الكهرباء و الغاز بالأغواط ، حيث تطرقنا إلى تقديم المؤسسة و التعريف بهياكلها و وظائفها أين ركزنا على وظيفة تسيير الموارد البشرية لاتصالها المباشر بموضوع الدراسة و استعرضنا، بالنصوص و الجداول، نظام تقييم الأداء المطبق في هذه المؤسسة و أهم نتائجه.
في حين جاء الفصل السابع و هو الفصل الأخير و المهم لكونه احتوى على اختبار فرضيات البحث و القياس الإمبريقي لمتغيراته ، حيث يشتمل على نتائج تفريغ البيانات الإحصائية و عرضها ثم تحليلها إحصائيا ً و استخراج الترابطات و العلاقات التي تجمع المتغيرات المستقلة و التابعة لفرضيات البحث و هي محطة هامة سمحت بالقراءة السوسيولوجية إعتمادا ً على نموذج التحليل المتبنى.
في الأخير استعرضنا النتائج الخاصة بالدراسة الميدانية ، أي نتائج الاختبار الميداني لفرضيات البحث ، و من ثم النتيجة العامة للموضوع و أهم الإستناتاجات التي استخلصتها في معالجة الإشكالية العامة لموضوع الدراسة.