Abstract:
ناقشنا هذا الموضوع من خلال مدخل وثلاثة فصول وخاتمة: أما المدخل فقد تناول ظاهرة التطور اللغوي أسسها الفلسفية وخلفياتها المعرفية، وبينا فيه مفهوم التطور في اللغة والاصطلاح، وخلفيته الفلسفية، ثم ظاهرة التطور في اللسان البشري على اعتبار أن التطور سنة من سنن الخلق، ثم تحدثنا عن الدرس اللغوي بين المنهج التطوري التاريخي، والمنهج المقارن وثمارهما على البحث اللغوي.
وأما الفصل الأول فكان البحث فيه عن اللغة العربية بين ظاهرتي اللحن والتطور اللغوي، ناقشنا فيه مفهوم اللحن وأسبابه ومستوياته، ثم عرجنا على حركة التأليف في التنقية اللغوية ومناهجها المختلفة بين القدامى والمحدثين، ثم كان بحثنا في مفهوم التطور اللغوي، وعوامله، ومستوياته، ومظاهره. وأما الفصل الثاني فدارت مباحثه حول المدرسة الاستشراقية الألمانية في أبرز روادها الذين تركزت إسهاماتهم حول قضايا اللغة العربية وظواهرها، فذكرنا منهم: بروكلمان وفيشر، ونولدكه، وبرجشتراسر، وغيرهم، ثم كان الوقوف عند المستشرق الألماني "يوهان فك" وأهم محطات حياته وآثاره العلمية، ثم عرجنا على كتابه "العربية" لبيان منهجه ومحتوياته ثم عرضنا لقيمة الكتاب، وآراء النقاد والدارسين فيه. وفي الفصل الثالث كان البحث عن التطور اللغوي عند "يوهان فك" فبحثنا عوامل التطور ومظاهره ومستوياته؛ المعجمية والدلالية والصوتية وغيرها في كتابه "العربية".
وكان المنهج المتبع في هذه الدراسة موزعا بين المنهج التاريخي على اعتبار أن البحث يدور حول التطور فهو في أحضان التاريخ. والمنهج التحليلي حيث عمدنا إلى الكثير من الشروحات والتعليقات على أغلب قضايا الموضوع لاسيما عند تحديد المفاهيم وشرح المصطلحات. والمنهج الوصفي خاصة عند بحثنا لظاهرة اللحن ووصفنا لها من خلال الواقع اللغوي أثناء الاستعمال، والتفصيل في المستويات اللحنية: صوتية أو صرفية أو نحوية أو دلالية.
لقد كان المعول في هذا البحث على عدد معتبر من المصادر والمراجع المتنوعة: من معاجم وكتب فلسفية، ومصادر في التنقية اللغوية كدرة الغواص للحريري، والبيان للجاحظ، وعدد من كتب لحن العامة، كإصلاح المنطق لابن السكيت، وأدب الكاتب لابن قتيبة. كما تم الاعتماد على دراسات حول التطور اللغوي، وبعض كتب علم الدلالة، وكان التركيز على مجموعة من المؤلفات حول الظاهرة الاستشراقية وجهود المستشرقين اللغوية ككتاب: الاستشراق لإدوارد سعيد، والمستشرقون لعبد الرحمن بدوي، وكتاب المستشرقون والمناهج اللغوية لإسماعيل عمايرة وغيرها ..
ومن المعلوم أن كتاب "العربية" ترجم مرتين: الأولى لعبد الحليم النجار سنة 1951، والثانية لرمضان عبد التواب سنة 1980، وكان الاعتماد في هذه الدراسة على ترجمة رمضان نظرا لجملة من المبررات منها:
1. كونها ترجمة متأخرة عن ترجمة النجار بحوالي ربع قرن وتلك فترة ساهمت في نضج الدرس اللغوي ومناهج بحثه وآفاق مدارسته.
2. لأن رمضان عبد التواب مكثر من الدراسات حول ظاهرة التطور اللغوي.
3. اعتماد رمضان عبد التواب على ترجمة النجار وإفادته منها إفادة ملحوظة أشار إليها في الكثير من الهوامش من ترجمته.
4. الرابطة الوثيقة، والصداقة الحميمة التي كانت تربط المترجم بالمؤلف.
5. قضاء رمضان عبد التواب شطرا من حياته العلمية في ألمانيا طالبا يعد رسالة الدكتوراه، ولا شك أنه قد خبر اللغة الألمانية هناك.
6. اعتماد عدد من الباحثين على ترجمة عبد التواب فكانت كثيرة التداول.
7. الأسلوب الأخاذ والسهل الذي امتازت به هذه الترجمة.
وقد واجهتنا في طريق البحث جملة من الصعوبات منها:
1. ندرة الدراسات التي تناولت كتاب "العربية" "ليوهان فك" بالنقد والتحليل.
2. قلة المراجع التي تدرس التطور اللغوي من جميع جوانبه، وبشكل واف.
3. حساسية موضوع الظاهرة الاستشراقية على اعتبار أنها لا تخلو من الأدلجة، وبعدها في أحيان كثيرة عن الروح العلمية إلا ما ندر.
4. عدم الإطلاع على كافة آراء يوهان فك في ظاهرة التطور لاكتمال الرؤية التي توخاها في كتابه "العربية".
5. قلة المترجمين للكتاب مما جعل كل المستفيدين منه عالة على الترجمتين المذكورتين.