الخلاصة:
منذ القدم برز مصطلح الحراك الاجتماعي، إذ تطرق إليه مونتسكيو في كتابه روح القوانينl’esprit des lois الصادر باللغة الفرنسية والذي يتكلم عن هذا المصطلح في سبيل إقامة الثورة وإعداد الدستور من خلال الفصل بين السلطات، وفق تجربة الثورة الفرنسية سنة 1789 والتي انجر عنها دستور سنة 1791 كأول دستور يؤسس لنظام حكم وفقا لقواعد دستورية ديمقراطية قائمة على نظام سياسي واع وحقيقي، له قاعدته التأصيلية والدستورية وبيان الفكرة الحقيقية لأصول العدالة الانتقالية.
أصبح هذا المصطلح لا يشار إليه اليوم على انه يعكس القيم التي تحملها صيغة ما من صيغه، بقدر ما أصبح يتسم بالشمول مهما كان شكل العمل الجماعي الذي يؤديه.
فهناك كثير من المبادرات الجماعية بتصورات وأفكار اجتماعية وسياسية يمكن أن نصنفها كحركات اجتماعية، منهاعلى سبيل المثال أمهات عاملات يتجمهرن ويحتججن، ومثقفون، وأطباء، وأساتذة، مرورا بمتظاهرين بدون عنوان، يطالبون فقط بأكثر تنمية محليا.
وحتى في الدول النامية التي تتميز بروح المبادرة الاقتصادية، غالبا ما يؤدي بها أداؤها الحكومي إلى اعتداء واضح على مصالح فئات معينة من المواطنين، وخاصة منها التي تشكوا من الفقر والتهميش، فتزداد تدهورا، إلى حد إثارة التساؤل حول ما إذا كان هذا التدهور ينعكس بالسلب أم بالإيجاب على طاقات هذه الفئات المهمشة في مقاومتها وفي الدفاع عن مصالحها.
بالتالي، كيف نتوقع الوضع العربي، وهو الذي تشهد فيه فئات من الشعوب ضغوطا متزايدة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، الأمر الذي يجعلها تنتفض هنا وهناك، وهذا الذي يثير الانتباه إلى أهمية دراسة الحركات الاجتماعية في المجتمعات العربية.
فحين تقرر الفئات المهمشة والمضطهدة مقاومتها وتمضي في الدفاع عن مصالحها، تظهر الحركات الاجتماعية استجابة، وردا على وقوع ظلم واضح، فتكون مجسدة لإرادة الشعوب، وتكون أحقية كل القضايا التي تتبناها الحركات الاجتماعية تجنح دائما إلى الإفصاح عن إجراءات تتعلق بالشرعية، بسبب التحدي المفترض للسلطات والقوى المهيمنة القائمة.
وأول ما يلفت الانتباه هو التساؤل بشأن السمات التي قد تكتسبها الحركات الاجتماعية في سياق مجتمعي وتكوين اجتماعي عربي. وهذا يستدعي التركيز على نشأة الحركات الاجتماعية، وأسلوبها في التعبير عن نفسها، والحركيات التي تلتمسها للتفاعل مع محيطها وفي حراكها، وما تحمله في مجملها من أفق للتغيير، وما قد تؤول إليه فاعليتها وتفاعلاتها في المستقبل، وما مدى تأثير المعطيات الخارجية المختلفة على مستوى العالم.
مع الملاحظة انه بالرغم من الدور الحاسم الذي تلعبه اليوم في التغيير السياسي، إلا أن دراستها تحتل جانبا هامشيا، ومكانة غير مرموقة في علم السياسة، وعلى سبيل المثال:
- في الولايات المتحدة نادرا ما تتضمن الصحف المتخصصة في التحاليل السياسية، مواضيع عن الحركات الاجتماعية، وغالبا ما يترك الجانب التحليلي لها لحقل علم الاجتماع السياسي.
- أما في أوروبا، رغم أن دراسة الحركات الاجتماعية تسيطر على علم السياسة، إلا أنها تميل إلى أن تكون مجزأة إلى موضوعات فرعية تهتم بمجالات حيوية معينة كالبيئة، السلام، المرأة، وغيرها، والتي تسمى بالحركات الاجتماعية الجديدة، التي ظهرت خلال سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، وكانت نقطة الانطلاق لعدد كبير من الدراسات المؤثرة، كدراسات آلان تورين Alain Touraine، بيير بورديو Pierre Bourdieu، وآخرون.
وإذا كان عدم الاهتمام بدراستها له مبررفي الماضي، حيث لم تكن احد الفاعلين المهمين في السياسة، وتظهر في الغالب كفاعل بدون تأثير، بينما اليوم يزداد الاهتمام بها حينما يكون هدف دراستها هو فهم الموجات المتصاعدة في العملية الديمقراطية، وفهم صعود القضايا والقيم السياسية الجديدة، ومعرفة كيفية تحقيق عملية التحول الديمقراطي، وبصفة عامة حينما تكون الحركات الاجتماعية في مواجهة التهديدات الحالية للديمقراطية، فيصبح من غير الممكن إهمال دراستها،ولا يكاد يوجد أي فاعل سياسي له صلة وطيدة بالدراسة في شأن عملية التغيّر السياسي أكثر من الحركات الاجتماعية.
وعلى الرغم كذلك من عدم تحقيق الحركات الاجتماعية لتحديها بأن تكون فاعل أساسي وترقى إلى مرتبة الاقتراب المنهجي، إلا أنها لا زالت قائمة كعنصر أساسي في الحياة السياسية في العديد من المجتمعات.
وفقط في الآونة الأخيرة، بدأت ظاهرة الحركات الاجتماعية تشغل اهتماما بالغ الأهمية بالنسبة للأكاديميين والباحثين، نظرا لطبيعة الدور الذي باتت تلعبه في الوطن العربي على وجه الخصوص، ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن ثبتت قدرتها على التأثير داخل المجتمع، بما لديها من رؤى وأدوات عمل ونشاط، استطاعت من خلالها أن تلعب دورا فاعلا في الساحة السياسية.
لكن ومع كل هذا الاهتمام، لا ينبغي استبعاد الاحتمال الذي تكون فيه الدولة ذاتها هي مصدر التغيير، بفضل استباقها للأحداث، باتخاذ قرارات وإجراءات استعجالية احترازية، تكمن في إدخال إصلاحات سريعة ومتعددة الجوانب، أو تكمن أيضا في تغييرات هيكلية، دون إغفال بعض الإصلاحات المجتمعية، بما يؤدي في النهاية إلى تغيير النظام السياسي بالشكل المقبول، وبالتالي يكاد يكون المصدر الأول للتغيير هو النظام السياسي في حد ذاته، وخير دليل على ذلك، الدول الاشتراكية السابقة التي شهدت تطورات ملحوظة، ما جعل الآن علماء السياسة والاجتماع يولون اهتماما كبيرا للأنظمة المتعنتة التي لن تطمح إلا في البقاء والاستمرار.
جدير بالإشارة إلى أن الحركات الاجتماعية ليست إلا ممارسة سلمية، تقوم على مبدأ اللاّ عنف، وهذا المبدأ يختلف من مجتمع لآخر، ويختلف كذلك حتى في نفس المجتمع، لكن لا يمكن لهذه الحركات أن تحقق مطالبها وتنتزع حقوقها، ما لم يتوفر فيها الشرط الأساسي، والذي يكمن في الموارد البشرية والتقنية، خاصة وأن في المقابل، النظام السياسي العربي يمتلك قوتين ضاربتين تسمح له بالبقاء والاستمرار إلى حد ما، وتتمثل هذه القوتين بالأساس في الأجهزة الأمنية القمعية، وكذا الأجهزة الإيديولوجية الموجهة، والتعبوية والدعائية. فالدولة تستطيع فرض سلطانها على المجتمع، من خلال الأجهزة القمعية والدعائية بترويج خطاب سياسي موجه للرأي العام ضد الحركات الاجتماعية على اعتبار أنها حركات هدامة تهدد كيان الدولة وترهن مصير المجتمع… في حين أنها تشكل جزءا لا يتجزأ من المجتمع، وتسعى للتعبير عن الخلل الذي يعرفه النظام الاجتماعي ككل وبطرق سلمية كما سبق القول، لكن تعاطي الدولة مع الحركات الاجتماعية باللجوء إلى الأجهزة القمعية (العنف المادي) والأجهزة الإيديولوجية (العنف الرمزي)، يجعل الحركات الاجتماعية في مرحلة معينة، من الضروري ان تستعمل العنف، فيكفل لها الحق والمشروعية في تبني العنف، كرد فعل، اي العنف المضاد للدفاع عن قضيتها وتغيير واقعها؛ ففساد الأنظمة الحاكمة الذي يؤدي بالضرورة إلى سوء توزيع الثروة، نظرا لأن الأنظمة العربية تعمل على احتكار وسائل الإنتاج، والأمر الذي يساهم في خلق عدم التوازن على مستوى المصالح والأهداف والغايات من داخل النظام الاجتماعي، ويساعد بشكل أو بآخر على نشوب الصراع الاجتماعي وإعادة إنتاج الصراع الطبقي بين كل القوى الفاعلة، نتيجة لسوء تدبير النخب السياسية، وعدم قدرتها على بناء نظام اجتماعي يقوم على مجموعة من الأسس أهمها العدالة الاجتماعية بالدرجة الأولى.
من هنا يأتي دور الحركات الاجتماعية كظاهرة اجتماعية في حل هذا التناقض الذي يخيم على المجتمع، ومطالبتها بإصلاحات لتجاوز الأزمة وإعادة التوازن إلى المجتمع، فعوامل الظلم الاجتماعي كالإقصاء والتهميش والفقر وعدم تكافؤ الفرص وعدم احترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، تكاد تكون الشروط الحصرية لإنتاج الحركات الاجتماعية.
والذي حدث فعلا بداية من 2011، يعتبر نقطة تحول تاريخيه لم يشهدها من قبل الوطن العربي الذي عرف عدة تغيرات، ساهمت في انطلاق موجة الحراك السياسي الذي اتسم بظهور الحركات الاجتماعية، وكان للجزائر وتونس نصيب كبير في ظهور تلك الحركات التي ارتبط ظهورها بطبيعة الواقع في البلدين، والاختلال الذي حدث بين السلطة والمجتمع، ما أدى إلى بروزها، وما لبثت أن تطورت بظهور حركات أكثر شمولا، كانت بوادرها تنادي بطرح مجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
فقد ارتكز العمل الجماعي على تحركات شعبية عفوية وسلمية غير مؤطرة داخل أي إطار سياسي أو ثقافي أو إيديولوجي محدد.
ولعبت فيها وسائط الاتصال الجديدة خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الاجتماعية دورا هاما، وتحول الفضاء الرقمي المفتوح إلى أداة فعالة للتنسيق والتعبئة من أجل إرساء ثقافة جديدة للتغيير قوامها إنهاء ثقافة التسلط والتطلع نحو ثقافة الحرية والمواطنة.
ويكاد أن يكون ذلك الحراك الشعبي، إيذانا ببزوغ ثقافة سياسية جديدة يعاد فيها طرح العديد من الأسئلة بخصوص إشكاليات عديدة، أهمها النخب السياسية والثقافية، مسألة الهوية، النظام والمواطن والسيادة الشعبية، الدولة والدين، الحريات وحقوق الإنسان، السلطة والشرعية...الخ.
إلاّ أن هذا الحراك الشعبي لم يأخذ صفة الحراك الثوري في الجزائر، بينما أخذت تلك الصفة في تونس ومصر واليمن وسوريا والبحرين، وذلك لاعتبارات خاصة في المجتمع الجزائريوفي طبيعة هذه الحركات من حيث السمات والخصائص والديناميكية، الأمر الذي ترتب عنه انخفاض مستويات التأثير المتوقعة منها في الدفع في استجابة حقيقية من قبل الحكومة.
ويقابل ذلك تأثير المتغيرات الخارجية من حالة عدم الاستقرار في بعض الدول العربية كسوريا ومصر، وتنامي صعود الإسلام السياسي في عدد من أنظمة سياسية عربية أخرى.
كل ذلك شكل عوامل مؤثره في تحديد مقدار الاستجابة الحكومية مع مطالب الحراك، أكثر من التأثيرات المتوقعة من الأطراف الخارجية الفاعلة في النظام الدولي.
إلا أن البعض اعتبر تأثير حالة الحراك السياسي في الجزائر هو أقل حدة على النظام السياسي منه في تونس كون ان الحركات الاحتجاجية لم تستطع في الجزائر التغلغل وسط الفئات والطبقات المعنية بالتغيير مقارنة بمثيلتها في تونس، وذلك راجع إلى عدم التحديد الواضح لمطالبها وبخاصة السياسية منها.
فهي تارة تسعى لإدخال إصلاحات على بنية النظام بطرحها للديمقراطية أو حتى دون ذلك بحكومة كُفأة وبرلمان منتخب بطريقة شفافة ونزيهة، وتارة أخرى تطالب وإن بشكل ضمني على إسقاط نظام الحكم، وهو ما يجعل كتلة كبيرة من المحتجين الذين ليس لهم توجه سياسي، تتراجع أمام هذه المواقف المتباينة والمتضاربة.
كما هو راجع كذلك إلى عدم قدرة التنظيمات الفاعلة والمنظمة والمؤثرة على الإجابة الواضحة والمقنعة عن التضاد الفكري الإيديولوجي بين اليساريين والإسلاميين، علما بأنه من حيث الأطروحات النظرية، ينطلق الماركسيون من أرضية مادية تكون فيها البنية التحتية، أي نمط الإنتاج، محددا للبنية الفوقية من تصورات سياسية وفكرية، في حين ينطلق الإسلاميون من أرضية روحية فكرية أساسها هوية الأمة وهوية الآخر وهو ما ينعكس على التراص التنظيمي وضبط المواقف السياسية للحركة الاجتماعية كشرطين مهمين في التعبئة والحشد، مقارنة بتأثير وسلبية الأوضاع الاقتصادية وإخفاقات سياسات تحرير التجارة وبرامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، مما كان لها الأثر الأكبر في تقليص مؤشرات الأمن والاستقرار السياسي في الوقت الذي شكلت تأثيرات البيئة الخارجية جانب مهم في زيادة حالة عدم الاستقرار السياسي، بزيادة عنصر التهديد الخارجي وخروج الحركات الاجتماعية برغبة واضحة في إتباع آليات أكثر سلمية في التعبير عن مطالبها إزاء السلطة السياسية.
إذن يتعلق الموضوع بدراسة الدور الذي لعبته الحركات الاجتماعية في الوطن العربي من إحداث حراك اجتماعي وسياسي كان له أثره البالغ في قيام ثورات عديدة.
ويتعلق الموضوع كذلك بدراسة العوامل التي أدت إلى ظهور هذه الحركات داخل المجتمعات العربية، لما لها من رؤى وتوجهات داخل الأنظمة السياسية العربية، والتساؤل أيضا إن كان لهذه الحركات تطورا لدور النقابات العمالية والمهنية وغيرها، إما أنها جاءت ككيان بديل عن كافة المؤسسات السياسية نظرا لعدم قدرتها على القيام بوظائفها المنوطة بها نظرا لما تعرضت له من قمع واستبداد سياسي؛ إلى جانب دراسة الدور الذي لعبه الشباب، وهو المكون الأساسي لهذه الحركات، وكذا كيفية احتواء هذه الحركات، وبعدها استشراف مستقبل هذه الحركات داخل الأنظمة السياسية العربية وما ترتب عنها من أنظمة حكم.
وعموما، الحركات الاجتماعية عبارة عن خطة جماعية تعبر عن خلل وظيفي من داخل المجتمع، حيث تعمل على تجاوز ذلك الخلل عبر مجموعة من الوسائل والطرق التي تراها هي أنها مناسبة ومفيدة وستساعد على تحقيق مطالبها وانتزاع حقوقها، هذا من جهة أولى.
ومن جهة ثانية، فإن نجاحها مرتبط أساسا بالقطيعة مع ما هو إيديولوجي أو التنازل عن الصبغة السياسية والالتفاف حول الهدف الذي يؤطر المعركة النضالية التي تخوضها.
تكمن أهمية دراسة الحركات الاجتماعية فيالتغيرات السياسية الحاصلة حاليا في المجتمعات العربية؛ ولا يمكن الاكتفاء بإعطاء تلك الاهمية من خلال العملية السياسية الديمقراطية المعتاد عليهافي الدول العربية كالانتخابات،في ظل واقع سياسي لا يمت بصلة مع قواعد الديمقراطية.
وفي هذا الصدد تزداد تلك الاهمية وضوحاً اذا ما ربطت الدراسة بعملية التحول الديمقراطي والتي نادرا ما تكون تدريجية ومنظمة، ولكن تأتي في الغالب فجأة من خلال الاحتجاجات الجماهيرية في حدها الاقصى من المجابهة.
وبالتالي، تكمن أهمية الدراسة في تناول الأثر المترتب على نشوب الحراك الشعبي في الأنظمة السياسية العربية علىالاستقرار السياسي، في ظل تحديات البيئة الداخلية والخارجية المؤثرةفي تنامي دور ذلك الحراك الشعبي العربي، وتكمن أيضا أهمية الدراسة في طبيعة وأهمية المطالب المقدمة، والتي ينظر لها على أن الاستجابة لها من الأنظمة السياسية الركيزة الرئيسية للاستقرار السياسي، على اعتبار أنها تشكل مطالب ذات طبيعة مرتبطة بمحورعملية التحول الديمقراطي والإصلاحات على المستويات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية.
تهدف هذه الدراسةإلىما يلي:
- التعرف على مفهوم الحركة الاجتماعية في الوطن العربي واهم تصنيفاتها وخصائصها والياتها واستراتيجياتها وتكتيكاتها في الجزائر وتونس خاصة
- دراسة مفهوم الاستقرار السياسي وأهميته بالنسبة للوطن العربي، وخاصة دول الربيع العربي، وكذا بالنسبة للجزائر.
- تحليل مفهوم الحركة الاحتجاجية في الحالتين الجزائرية والتونسية وأثره على الأمن والاستقرار السياسي في الوطن العربي، وخاصة بالنسبة للجزائر وتونس.
- التعرف على مفهوم وتجليات التحول الديمقراطي عقب الثورات
- التطرق إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية في الوطن العربي، وفي الجزائر وتونس.
معرفة المتغيرات للاحتجاجات بهدف استشراف مستقبلها.
- التعرف فيما إذا كانت الحركات الاجتماعية ثورية أم إصلاحية شكلية.
انطلاقا من أن هناك تفاوت ملحوظ بين الأدوار التي تتميز بها الحركات الاحتجاجية في الدول العربية، بالرغم من وجود نفس الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية وتزايد في حالة عدم الاستقرار، ما يصعّب من الاستجابة لمطالب هذه الحركات من قبل النظام السياسي، وبالتالي يؤدي ذلك إلى حالات زعزعة متفاوتة من حيث الأمن والاستقرار السياسيين.
ويستتبع المشكلة البحثية الإشكالية العامة التالية:
إلى أيمدى أثرتالحركاتالاجتماعيةالعربيةعلىالنظامالسياسيوبنيةالمجتمع؟وهل استطاعت تحقيق مآربها؟ وهل حافظت في نفس الوقت تلك الدول منها التي نجحت في مأموريتها، على حالة الأمن والاستقرار السياسي من خلال الحفاظ على مكتسبات الديمقراطية ؟ وكيف استطاعت بعض الأنظمة السياسية التكيف مع الحركات الاجتماعية حتى تضمن بقاءها واستمرارها وتجنب السقوط او الانهيار، على الاقل إلى حد الآن؟
يقصد بحدود الدراسة تحديد الفترة الزمنية التي ستقوم عليها الدراسة وكذا تحديد الإطار المكاني الذي ستتم عليه الدراسة، علما بان كلا من الفترة والمكان، غير موجودين ضمن عنوان الدراسة.
فيما يتعلق بالحد الزمني للدراسة سوف نركز على دور الحركات الاجتماعية داخل النظام السياسي في الجزائر وفي تونس في المرحلة الممتدة من 2011 إلى 2018، وذلك لعاملين أساسين حيث ظهرت الحركات الاجتماعية بطابعها السياسي الاحتجاجي كظاهرة سياسية جديدة على النظام السياسي التونسي، خاصة عقب غياب الدور السياسي والاجتماعي للأحزاب السياسية والنقابات العمالية وغيرها من الحركات الاجتماعية، مرورا بمختلف الأحداث والأدوار التي أدت إلى بروز دور هذه الحركات داخل النظامين السياسيين الجزائري والتونسي والعقبات التي مازالت تعترض أداءها لدورها.
فيما يتعلق بالحد المكاني للدراسة سوف نركز على الثورات العربية والعوامل التي أدت إلى قيامها، وكذلك على الدور المبرز في الآونة الأخيرة للحركات الاجتماعية، باعتباره احد محددات النظام السياسي في الوطن العربي، ومن ثم نركز عموما على دراسة الواقع العربي، وعلى وجه الخصوص، على دراسة الواقع الجزائري والواقع التونسي.
بما أن تحديد المنهج البحثي يساعد على معرفة كيفية جمع المعلومات وتصنيفها ووصفها وتحليلها، ويمكّن من الوصول إلى نتائج علمية، ينجر على ذلك استخدام إما منهج معين يتلاءم وطبيعة الموضوع، إما عدة مناهج بحثية، أو حتى جميعها.
لذا وبالنظر إلى ما يستدعيه الموضوع وبما أن الدراسة تعد نظرية تعتمد مجموعة من المناهج من خلال رصد الكتابات المتعلقةبالموضوع قيد الدراسة، وبما أنها كذلك دراسة تحليلية تفسر الواقع العربي، وكذا تحلل المفاهيم ذات العلاقة بالظاهرة المدروسة، فتعتمد الدراسة على المقاربات النظرية باعتبارها ركائز البحث العلمي، ولا يمكن تحقيق أهداف دراستنا من دونها. فتم توظيف هذه الاقترابات بغية الخروج في نهاية الأمر بالإجابات المقنعة عن التساؤلات المطروحة.
Since the emergence and multiplication of social movements in Arab countries in 2011, interpretationsaboundconsiderably.
In orderprecisely to circumscribethiscomplex social phenomenon, the presentthesis proposes to answerthisproblem at best, by trying to highlight the differentunderstandingsthatresult from it, and this, in support of the manytheoreticalapproaches. offered by political science and political sociology.
In this case, these are the approaches: psychosociological, marxist, systemic, functionalist, actionalist and strategic.
Successively, therefore, thisthesiswill deal with the definition of social movements, a definitionsupported by eachapproach, as willalsobe a question of approaching the subjectinherent in the vision of society in general, and in depth, thatimposed by the very nature of the political systems and the Arab environment, or the paradigmunderlyingeach conception.
Thus, willwe know which of theseapproachesprovide the mostanalyticaltools to explain more thanisalready the case, this social phenomenon and, moreover, in the Arab societalcontext.
It willalsodiscussreviewing Arab political regimes, confrontingthem and opposingthem to social movements, in order to grasp the mechanismsused by one and the other to ensure, for the first time, theirsurvival. and for theirdurability, and for the latter, affirmation as a new political force and a new means of expression in order to restore to the people their right to participate in the political process within the framework of popularsovereignty.
But first there isaneed to address the issue of the significantdecline of other political and social actors, including: civil society, political parties, trade unions and otherprofessional unions, and political and social elites. tolegitimize the emergence of this new mode of expression.
Thus, thisthesisisbased on twoassumptions: the existence, for eachsocietal type, of a preponderant social movement, and the transition from Arab society, formerlyamorphous and immobile in terms of populardemand, to a mature society. politically, and able to take charge of itsowndestinies, more preciselythose in relation to the demandsimposed by a new world social order, in terms of standard of living and social progress.
In addition, thisthesiswilltreat in an underlyingway the societal type thatprevails in the Arab countries, and whichispeculiar to them, because of an almostidenticalhistoricalcontext, born of a long colonizationwithharmfulconsequences, like the causing an acculturation whoseeffects have affected the political and social attitudes of the Arab individual in hisenvironment.
To thiswillbeadded the analysis of social movements in all their dimensions, as subjects and actors.
In the wake, thisthesiswillattempt to address the concepts of social compromise, institutionalized compromise and compromise crisis, in addition to the reality that relates the vital needs of the individual and society, and the meansthat the State puts at the disposal of the citizen for a decent life.
But to justifyitsdesirability, thisthesiswill tend to bedistinguishedalso by itsanalyzesboth in terms of social relations outside the social movement, as in the field of consumption of the political product via a systemic political communication specific to Arab political regimes, that at the level of the relations between men and women, the reports as to the age, the relations with the environment etc.
This, beforeconcludingwith projections on the future of Arab regimes and social movements on a background of democratic transition, helped in this by a factual analysis of political and social events in the so-called countries of the "Arab Spring" and alsobased on a comparative study of the cases of Algeria and Tunisia.
Nevertheless, itshouldbepointed out thatthisthesiswillalsomakeit possible to understand the reasonswhich made the "Arab revolutions" (thisiswhatthey are commonlycalled) took place in some Arab countries and not in others. : the case of Algeria is the model par excellence.
And for good reason, the Algerian Political Power has managed to foil all the prognosis of the mosteminentspecialists in political prospective studies.
This thesiswillfinallytry and among otheranswers to several questions, to deliver the one thatwillsolvethisproblem.
This explains the choice of the title of thisthesis, in this case the variable relating to the mechanismsused by the ruling Arab political elites, some of whichended in a bitter failure, and others, on the other hand, havingproduced positive effects, as in the case of Algeria.
Depuis l'émergence et la démultiplication des mouvements sociaux dans les pays arabes en 2011, les interprétations abondent considérablement.
Dans le souci, justement, de circonscrire ce phénomène social complexe, la présente thèse se propose de répondre au mieux à cette problématique, en tentantde mettre en exergue les différentes compréhensions qui en découlent, et ce, à l’appui des nombreuses approches théoriques qu’offrent la science politique et la sociologie politique.
En l’occurrence, il s’agit des approches : psychosociologique, marxiste, systémique, fonctionnaliste, actionaliste et stratégique.
Successivement, il sera donc question dans cette thèse, de la définition des mouvements sociaux, une définition soutenue par chacune des approches, comme il sera question aussi d’aborderle sujet inhérent à la vision de société en général, et en profondeur, celle imposée par la nature même des systèmes politiques et de l’environnement arabes, ou encore du paradigme à la base de chaque conception.
Ainsi, saura-t-on laquelle ou lesquelles de ces approches fournissent le plus d’instruments d'analyse à même d’expliquer davantage que ne l’est déjà, ce phénomène social et, de surcroit dès lors qu’il s’inscrit dans le contexte sociétal arabe.
Il sera également question de passer en revue les régimes politiques arabes, de les confronter entre eux et de les opposer aux mouvements sociaux, afin de saisir les mécanismes qu’utilisent les uns et les autres en vue d’assurer, pour les premiers leur survie et leur pérennité, et pour les seconds l’affirmation en tant que nouvelle force politique et nouveau moyen d’expression dans le but de restituer au peuple son droit de participer au processus politique dans le cadre de la souveraineté populaire.
Mais il y a lieu d’abord de se pencher sur la question du déclin sensible des autres acteurs politiques et sociaux, on en citera entre autres : la société civile, les partis politiques, les syndicats et autres unions professionnelles ainsi que les élites politiques et culturelles, pour ainsi légitimer l’émergence de ce nouveau mode d’expression.
Ainsi, cette thèse s'appuie sur deux postulats : l'existence, pour chaque type sociétal, d'un mouvement social prépondérant, et le passage de la société arabe, autrefois amorphe et immobile au plan de la revendication populaire, à une société mature politiquement, et capable de prendre en charge ses propres destinées, plus exactement celles en rapport aux exigences imposées par un nouvel ordre social mondial, en termes de niveau de vie et de progrès social.
Par ailleurs, cette thèse traitera de manière sous-jacente le type sociétal qui prévaut dans les pays arabes, et qui est propre à eux, du fait d’un contexte historique pratiquement identique, né d’une longue colonisation aux conséquences néfastes, comme le fait d’avoir entrainé une acculturation dont les effets ont déteint sur les attitudes politiques et sociales de l’individu arabe dans son environnement.
A cela, s’ajoutera l'analyse des mouvements sociaux dans toutes leurs dimensions, en tant que sujets et acteurs.
Dans le sillage, cette thèse tentera de traiter les concepts de compromis sociaux, de compromis institutionnalisés et de crise des compromis, en plus de la réalitéqui met en rapport les besoins vitaux de l’individu et de la société, et les moyens que l’Etat met à la disposition du citoyen pour une vie décente .
Mais pour justifier son opportunité, cette thèse tendra à se distinguer aussi par ses analyses tant au niveau des rapports sociaux en dehors du mouvement social, comme dans le champ de la consommation du produit politique via une communication politique systémique propre aux régimes politiques arabes, qu’au niveau des rapports entre les hommes et les femmes, les rapports quant à l'âge, les rapports à l'environnement etc.
Ceci, avant de conclure par des projections sur l’avenir des régimes arabes et des mouvements sociaux sur fond de transition démocratique, aidés en cela par une analyse factuelle des événements politiques et sociaux survenus dans les pays dits « pays du printemps arabe » et également en s’appuyant sur une étude comparative des cas de l’Algérie et de la Tunisie.
Néanmoins, il convient de signaler que cette thèse permettra aussi d’appréhender les raisons qui ont fait que les « révolutions arabes » (c’est ainsi qu’on les appelle communément) aient eu lieu dans certains pays arabes et pas dans d’autres : le cas de l’Algérie en est le modèle par excellence.
Et pour cause, le Pouvoir politique algérien a su déjouer tous les pronostics des spécialiste les plus émérites dansla prospective.
Cette thèse tentera enfin et entre autres réponses à plusieurs questionnements, de nous livrer celle qui résoudra cette problématique.
C’est cela d’ailleurs qui explique le choix du titre de cette thèse, en l’occurrence la variable relative aux mécanismes utilisés par les élites politiques arabes au pouvoir, dont certains se sont soldés par un échec cuisant, et d’autres, par contre, ayant produit des effets positifs, comme pour le cas de l’Algérie.