الخلاصة:
حظيت الرياضة منذ فترة طويلة من الزمن باهتمام كبير ولقيت عناية كبيرة عند غالبية المجتمعات في العالم بما تعود به من فوائد على صحة الفرد وقوة وصلابة المجتمع، وما لها من أهمية إستراتيجية وسياسية واقتصادية في بسط وهيمنة بعض الدول في المجال الرياضي، وتأتي رياضة السباحة من ضمن النشاطات التي لقيت الدعم والاهتمام الكبيرين في الدول المظلة على البحار على وجه الخصوص، باعتبارها سلاحا في يد من يجيدها، فهي رياضة كاملة من خصوصيتها و من حيث ممارستها فهي تعود بالصحة على جسم الإنسان، فهي فن أساسي لا نظير له بين سائر الفنون الرياضية، لقد عرفت منذ أن عرف الماء في الأنهار والبحار.
و الحقيقة العلمية تؤكد ارتباط السباحة بمستوى الأداء المهاري أكثر من ارتباطها بمستوى اللياقة البدنية، فالماء يعمل كعنصر أساسي في كون أن السباحة تختلف في متطلباتها عن بقية الألعاب الرياضية، فهو يبدد الكمية الكبرى من طاقة السباحين، لذا فقد عبر أحد الكتاب عن أن الماء هو وسط محبط للشخص الذي يحاول الانتقال خلاله، وخصوصية ذلك الوسط جعلت السباحة اللغز المحير والمختلف عن بقية الرياضات.
وتعد السباحة من الفعاليات الرياضية ذات الأهمية البالغة التي يمكن لكلا الجنسين من ممارستها في كل مراحل العمر، كما أن تعلمها لا يتأثر بمراحل النمو الزمني والبدني والعضلي، فهي رياضة شمولية، ولعل القليلين هم الذين يدركون ما للسباحة من فوائد متعددة، لذا من الضروري للإنسان أن يتعلم حركات السباحة حتى يجعل الماء مكانا طبيعيا يستمتع بفوائده الصحية والترفيهية ويحافظ على صيانة وحياة الآخرين فيما لو احتاج الأمر إلى ذلك، كما تعود السباحة بالفائدة على الطب في معالجة بعض الأمراض التي تصيب المفاصل والاسترجاع عند الرياضيين.
ومن هنا تتميز السباحة باختلاف طبيعة أدائها، كما أنها تتطلب استخدام العقل للدخول في هذا الوسط الجديد والتكيف معه، فتحتاج إلى حضور الذهن بدرجات متفاوتة لتفهم كل حركة بدقة كاملة، واستيعابها والقدرة على أدائها، وبالتالي تتطلب التوافق التام بين الجهازين العضلي والعصبي، وكذلك استخدام بعض القدرات العقلية والإعداد النفسي، حتى يتم الإحساس بالأجزاء الهامة المكونة للمهارة والتركيز عليها ورفع كفاءة الأداء الحركي.
وتعتمد الدراسة في مجال السباحة أيضا على العديد من المهارات، فبعض هذه المهارات حركية في المقام الأول، أي تعتمد على الأعضاء الجسمية، مثل مهارة الطفو ومهارة الزحف على البطن الظهر، ضربات الرجلين .... وتسمى بالمهارات العملية، كما أن بعضها الآخر مهارات عقلية مثل المهارة في الفهم والتحليل للمهارات الحركية، ومع أن اكتساب المهارة يتوقف أساسا على طريقة التعليم وعلى الفرص المتاحة للتدريب عليها، إلا أنها ترتبط بنوعية موضوعات المنهج، وما يقدم للمتعلمين من معارف ومبادئ متصلة بها.(وفيقة مصطفى سالم،1997،ص127)
أما فيما يخص جانب البرنامج التدريبي فهو يكون عالية عند تعلم مهارات السباحة الأساسية في سن السنوات مثلا ، في حين يكون منخفض عن ذلك عند تعليم مهارات الألعاب الرياضية الأخرى في نفس العمر، حيث يعزى ذلك إلى عدم وجود علاقة بين مهارات السباحة وبين الأشكال الحركية الأساسية، والتي تعد حركات عشوائية قد تؤثر سلبا في عملية التدريب و التعليم، لذلك قد يكون من الخطأ القول إن السباحة هي رياضة يمكن تعليمها في سن مبكر جدا وذلك لأن مما يحصل هو اكتساب لحالة التعود والثقة وحالة الطفو فقط، وهي لا تعد من المهارات الأساسية للسباحة بمعناهما العلمي قياسا بمهارات ضربات الرجلين وسحبات الذراعين والتنفس والتوافق بين هذه الحركات الانتقال خلال الوسط المائي.
و لما كان تنظيم عملية التعلم يعكس الاتجاهات السائدة التي تؤثر في حياة وسلوك الطفل، لذا فإن عملية إكساب الطفل المهارات الأساسية في السباحة تقع على عاتق المدرب و المسؤولين في اختيار الطريقة الملائمة والمناسبة في تعلمها، وذلك عن طريق استخدام أساليب تنظيمية في مختلف الطرق التعليمية التي تحتوي على برامج تهدف إلى
تنمية تلك الاتجاهات التعليمية، حتى يتمكنوا من مواجهة ما قد يتعرضوا له من مشكلات، وكذلك الإسراع في عملية تعلم السباحة لما يحمله المتعلمون من اختلافات في المراحل العمرية والفروق الفردية.
ومن خلال عمل الباحث في مجال تعليم وتدريس السباحة عامة وللمبتدئين خاصة، لاحظ أن هنالك عددا لا يستهان به ممن لديهم أخطاء سابقة نتيجة للتعلم الخاطئ في السابق وخاصة في ضربات الرجلين وحركات الذراعين ، كما لاحظ أن البرامج التدريبية المتبعة في تعليم المبتدئين خاصة في مراحلها الأولية التي تتضمن المهارات التمهيدية الأساسية للسباحة من طفو وانزلاق، والوثب والقفز في الماء، والتنفس في شقيه شهيق وزفير ، وغيرها من المهارات أدت إلى فشل الكثير من المتعلمين من الأطفال والمتمدرسين في كليات التربية البدنية والرياضية في تحقيق المستويات المطلوبة للنجاح في السباحة.
و من أجل التوضيح و الإثراء فقد قمنا بهذا البحث الذي سنحاول من خلال دراسة تأثير برنامج تدريبي مقترح في تحسين تقنية السباحة الحرة لدى سباحي الفئة العمرية (9-11)سنة سنحاول من خلال هذه الدراسة التعرف على كل ما يخص الدراسة و من أجل ذلك قمنا بتقسيم البحث على النحو التالي :
الجانب التمهيدي : و الذي تناولنا في مشكلة الدراسة و فرضياتها و أهميتها و أهدافها و كذا أسباب إختيار الموضوع و تحديد المفاهيم و المصطلحات و في الأخير الدراسات السابقة و المشابهة .
أما في يخص الجانب النظري و الذي قسم إلى ثلاثة فصول يأتي الأول تحت عنوان البرنامج التدريبي أما الفصل الثاني بعنوان السباحة أما الفصل الثالث فيدرس الفترة العمرية (9-11)سنة
أما الجانب التطبيقي : و قسم بدوره إلى فصلين الأول بعنوان الإجراءات الميدانية للدراسة و تطرقنا فيه إلى الدراسة الاستطلاعية و منهج البحث و مجتمع عينة الدراسة و الأدوات المستعملة في ذلك و كذا الشروط العلمية للأداة .
أما الفصل الثاني بعنوان عرض نتائج و تحليلها و مناقشتها إضافة إلى استنتاجات عامة و بعض الإقتراحات و التوصيات التي قد تساعد في إثراء مجال التدريب في رياضة السباحة .