ميراث الجد مع الاخوة

Abstract

علم الميراث في هذا البحث، المتمثل في توريث الجـد مع الإخوة وتوضيح حكم ونظام توريثهم مع بيان اختلاف العلماء في ذلك وأسباب اختلافهم فقد ظهر لي وبصفة جلية – وأنا بصدد دراسة المسائل الخلافية موضوع البحث– أن المرونة التي تتسم بهـا الشريعة الإسلامية المنضبطة بقواعد ومبـادئ تبرز بوضوح مدى عمـق الشريعة الإسلامية بتعدد مصادرها وتنوع أدلتها، فقد اقتضت حكمة الشارع زيادة توسعـة الأحكام من النصوص الشرعية في المسائل والقضايا المتجمدة، إذ من المقرر شرعا أن ما ثبت من حكم بنص صريح فهو حكم ثابت لا يدخله التبديـل ولا يقبل التغيير ولا يجوز لأحد مخالفته مهما تغير الزمن كأحكام المواريث الثابتة بهذا الشكل لأن للنصوص الشرعية أصالتها وحصانتها فلا يجوز لأحد الإجتهاد في مورد النص، غير أن هذه النصوص محصورة ومحددة بخلاف المسائل والقضايا والأحداث المتجمدة والمتكررة. وما دامت المسائل والقضايا التي لم يرد بها حكم شرعي ككيفية توريث الجد مع الإخـوة سواءا كانوا أشقاء أو لأب أو مجتمعين معا أو وجود الجد مع الإخوة وصاحب فرض آخـر فكل هذه المسائل تحتاج إلى حكم شرعي فقد وضع الشارع الحكيم قواعد وضوابط مستوحاة من الكتاب والسنة تفهم على أساسها النصوص وتستخرج الأحكام، غير أن هذه القواعـد والضوابـط ليست كلها محل اتفاق بين العلمـاء، ومن ثم يتفرع من اختلاف الفقهـاء المجتهدين في القواعد والأصول حتمية تعدد الأحكام الشرعية المتباينة ومع ذلك فإن تباين الأحكام لا تخرج عن كونها أحكاما شرعية من أحكام التشريع على وجه العمــوم.

72 الخاتمـــة

وبعد عرضي لأهـم الاختلافات الفقهيـة توصلت إلى بعض النتائج أهمهــا: 1- إنفرد زيد بن ثابت رضي الله عنه بالمسائل المعادة ويكون بذلك قد خالف كلا من علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهمـا. 2- كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يتابع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلا يفضل أمـا على جد في الميراث. 3- تفـرد عبد الله بن مسعود في ميراث الجد مع الإخوة فيما يسمى بمربعات عبد الله بن مسعـود. 4- لم يخالف كل من علي وزيـد رضي الله عنهما. أصل مذهبهـم في حل المسألـة الخرقاء ولكن ما انفرد به زيد بن ثابت في حلها خالف به كلا من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبن مسعود رضي الله عنهم جميعـا. 5- طرق حل مسائل الجد مع الإخوة طرق إجتهادية وليس إتباع إحداها أولى من إتباع الأخرى ولكن الرأي الأكثر بعدا عن التعقيد هو رأي سيدنا زيـد بن ثابت رضي الله عنه فهو الأسهل في التطبيــق. هذا وبعد عرض المقارنات الفقهية وكذا القانونية من المفيد وضع بعض التوصيات أمـام المقنـن الجزائـري: أولا : أن نص المـادة 158 نص وحيد غير كافي لتبيان كل احتمالات إرث الجـد مع الإخوة ولأنه من أكثر المسائل الشائكة في علم الفرائض فيجب التدقيق في المصطلحات فنجد المشرع في نص المـادة 158/2 ينص على أنه:" وإذا اجتمع مع الإخـوة وذوي الفروض..." كان من الأجدر أن يقول وصاحب فرض آخر ثم ينص في مادة مستقلـة وموالية على أصحاب الفروض الذين يرثون مع الجد والإخوة لأنهم محصورون وهـم: - الفرع الوارث من الإناث البنت وبنت الابن. - أحـد الزوجيـن. - الأم. - الجدة الصحيحة إذا لم توجد الأم.

73 الخاتمـــة

لأن المشرع بقوله ذوي الفروض يقصد أصحاب الفروض كلهم دون استثناء في حين هم محصورون كما ذكرنـا. ثانيـا : بالنسبة للمسائل المعادة نجدها في مذهب زيـد بن ثابت ولكن المشرع لم ينـص عليها، فنجد موقفه غير محدد هنا، صحيح أنه يحيلنا إلى نص المـادة 222 من قانــون الأسرة ولكن الإشكال يصبح أصعب وأعمق إذ أن هذا النص لم يحدد لنا مذهب معين تتم الإحالة إليه ومن ثم لايمكن لنا القول هنا أن المشرع أخذ برأي زيد بن ثابت في المسائـل المعادة قياسا على ما أخذ به في المادة 158 ولهذا كان لابد من وجود نص مستقل يحـدد لنا هذه المسألـة. ثالثـا : أكثر من ذلك هناك العديد من المسائل الشاذة في باب ميراث الجد مع الإخوة منها المسألتين المالكية وشبه المالكية، فجل التشريعات العربية نصت عليها في قوانينها إلا المشرع الجزائري فلم ينص عليها بالرغم من أهميتها ذلك لأن الاختلاف كان بين الإمام مالك وزيد بن ثابت، لهذا أقترح على المشرع بأن يحدد نصا واضحا لهما وأن يستقر على رأي معين قد يكون رأي زيد مثلما أخذ به في المسألة الأكدريـة.