الاساليب الحديثة لادارة الوقف في التشريع الجزائري

Abstract

بتمسك الشعب الجزائري بعقيدته ودينه الإسلامي الحنيف وإقتناعه بضرورة التضامن والتكافل فيما بين أفراده وحتى تضامنهم مع إخوانهم في العالم العربي وبذل أقصى الجهود لتحقيق تنمية وتطور للمجتمع الجزائري وللأمة العربية، ومن بين أهم الخير والبر التي عرفت عند الجزائريين "الوقف" الذي لعب دورا كبيرا للوصول إلى أعلى المستويات وهذا لإهتمامهم به، وتجسدت هذه الأوقاف والتي ساهم فيها الجزائريين في خارج الجزائر وقف للحرمين الشرفين، ووقف في القدس الشريف ( حارة المغاربة دليل على ذلك) ...ألخ. إن المستعمر الفرنسي عمل على تدمير التركيبة الخاصة بالأوقاف، وتمكن من ذلك فقد ضاعت الكثير من الأوقاف الجزائري خلال هذه الحقبة من تاريخ الجزائر، مما جعل البحث عن هذه الأملاك وإعادة تخصيصها لما وقفت من أجله يكاد يكون مستحيلا لولا جهود الدولة الجزائرية في المجال التشريعي. إن الفترة الأولى للاستقلال لم يكن فيها الشيء الكثير بالنسبة للأوقاف وإنما فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات هي التي عززت من المكانة القانونية للأوقاف وأعادت بعثها من جديد لكن بخطى بطيئة، إلى بداية القرن الواحد والعشرون حيث بدأت تلك التشريعات في مجال الأوقاف تعرف تطبيقا محتشما لها، وهي في تزايد إيجابي خاصة في مجال الاستثمار، فظهرت المشاريع الاستثمارية الوقفية التي ترعاها الدولة والخواص على حد سواء، وهذا ابتداء من حي الكرام الذي اعتبر أول استثمار وقفي معاصر بتمويل من الدولة الجزائرية، يليه المركب الوقفي "المسجد الأعظم" الذي يعتبر نقلة نوعية في المركبات الوقفية في العالم العربي والإسلامي. إلا أن أهم الانتقادات المؤسسة توجه لإدارة الأوقاف، التي تعتبر في الوقت الحالي من أضعف الإدارات في الجزائر، وهذا لافتقادها للكفاءات البشرية والموارد المادية التي تساعدها في القيام بمهامها على أكمل وجه، لكنها تقف عاجزة لا تستطيع حتى فرض مراجعة الإيجارات الوقفية وفق الأسعار المطبقة في السوق، ولا تستطيع ضمان متابعة ميدانية جدية للمشاريع الوقفية، ولا حتى فرض نفسها كجهة عقارية لا يجب إهمالها أمام الإدارات العقارية المختلفة في البلاد. إن الحل الأمثل لتطوير إدارة الأوقاف الجزائرية هو إخراجها من إدارة ملحقة بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وإعطاؤها الاستقلالية الكاملة باستحداث الديوان الوطني للأوقاف الذي نأمل أن يكون البديل الحقيقي للإدارة الحالية التي لا يمكن أبدا نكران جهودها لكنها تظل جهودا جد متواضعة. من خلال هذه الدراسة يمكن طرح النتائج التالية: إبراز أهمية الوقف في الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية، بتبيان المعالم الوقفية التي كانت موجودة في الجزائر لمحاولة بعثها من جديد، من خلال التّفكير في تطويره واستغلال ثرواته وتثميرها، وإشراكه في عملية التنمية الشاملة وإدخاله الدّائرة الاقتصادية حتى لا تبقى أعيانه وممتلكاته عرضة للإهتلاك. إبراز جملة من الآليات التمويلية والعقود والأساليب الاستثمارية التي يستمد معظمها من الشريعة الإسلامية، باعتبارها روح العمل الوقفي ومصدره المادّي، وقد لوحظ أنّ معظم تلك الصّيغ والأساليب لم تعط نتائج إيجابية لعدم إمكان تطبيقها على أرض الواقع بسبب عدم توفّر منظومة مالية، وبنكية تشجّع الاستثمار والتمويل في هذا المجال. صارت الدّولة اليوم عاجزة عن تغطية جميع القطاعات وتلبية كل الحاجيات التي يحتاج إليها أفراد المجتمع، كما أن القطاع الخاص لم يعد مستعدا للمشاركة في المجالات الخدماتية التي لا تعود عليه بالرّبح بسبب نقص المبادرات الخاصة، لذا من واجب الدولة استغلال واستثمار الأملاك الوقفية لإمكانية تخفيف بعض الأعباء عن ميزانيتها المالية، لأن الوقف يعمل على تغطية بعض الأنشطة والقطاعات الخدمية كالتعليم الأساسي والجامعي والتكوين وقطاع الصّحة. كما نحاول من خلال هذه الدراسة تقديم التوصيات التالية: إيجاد منظومة قوانين وتشريعات فاعلة لتسيير وحماية الأملاك الوقفي، وذلك من خلال إعداد دورات تكوينية مستمرة لوكلاء الأوقاف لتعريفهم بمستجدات موضوع الوقف في جانبه الإداري والقانوني والتسييري، وذلك بالاستعانة بأساتذة مختصين، وكذا تهيئة الظروف المناسبة أمام الأساتذة المتخصصين لإجراء دراسات وأبحاث مثمرة في موضوع الوقف وأهميته الاجتماعية والاقتصادية. إيجاد أساليب حديثة لاستثمار الوقف واستغلاله في حل مشكلة الفقر. وجوب توفر الإرادة السياسية للنهوض بالوقف، وإقامة دورات تكوينية لوكلاء الأوقاف لتعريفهم بمستجدات موضوع الأوقاف من جانبها الإداري والقانوني والتسييري، وذلك بالاستعانة بأساتذة متخصصين في هذا الموضوع.