الخلاصة:
الأصل في الإنسان البراءة ، فلا يعقل ان نطلق لقب مجرم على طفل في عمر الزهور وملامح الملائكة مصطلح مجرم بل يجب ان نلقبه بالجانح ، ومنه فالتحقيق مع هذا الطفل ومحاكمته تتسم بنوع من الخصوصية من اجل الحفاظ على كرامته وعلى مشاعره وعلى مستقبله، فيكون دور القاضي هنا علاجيا اكثر منه عقابيا، وهذا ما انتهجه المشرع الجزائري من خلال فصل قانون الطفل عن قانون الاجراءات الجزائية نظرا لخصوصية التعامل مع الحدث الجانح، مراعيا في ذلك الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل والمبادئ الاساسية لقواعد الامم المتحدة والمسماة بقواعد بكين، وكل هاته المواد القانونية بما تتسم به من مرونة من قابلية رحيمة للتطيبق هدفها الاساسي والجوهري الذي نلمسه في قانون الطفل هو حماية الحدث و وقايته وتحضيره لاعادة ادماجه في المجتمع.
لذلك فقانون الطفل في بابه المتعلق باجراءات التحقيق والمحاكمة للأطفال الجانحين كان مراعيا لهذا الجانب التربوي و موافقا لقانون الاجراءات الجزائية السابق في بعض النقاط التي قد نكون وفقنا في المقارنة بينهما في المذكرة الموضوعة بين ايديكم والتي حاولنا فيها المقارنة بين النص القديم الموجود في قانون الاجراءات الجزائية من حيث التدابير و الاجراءات الاحترازية ومن حيث التوقيف للنظر والمسائلة الجزائية ووجوبية حضور المحامي وصلاحية قاضي الاحداث ومحكمة الاحداث في مراجعة التدابير ، وكذا من خلال استئناف الاحكام في المجلس القضائي ، الا ان القانون 15-12 المؤرخ في: 15/07/2015 المتضمن قانون حماية الطفل، جاء بتنظيم وترتيب احكام القواعد والاجراءات المتعلقة بقضاء الاحداث بكيفية منهجية ومنظمة استبعدت الاخطاء والتناقضات التي كانت تشوب النصوص القديمة و حافظت في ذات الوقت على المبادئ والاحكام التي تظبط سير هذا الفرع الهام من القضاء بحيث تم الانتقال من النصوص القديمة الى النصوص الجديدة دون احداث تغيير في القواعد الموضوعية والاجرائية ماعدا ماتم استحداثه في القانون الجديد ولم يكن معروفا في القانون القديم كأحكام الوساطة وغيرها.
وكتوصية اخيرة ننوه الى وجوب تفعيل المراكز المتخصصة في إعادة تأهيل الأحداث لان الاهتمام بالحدث الجانح هو اهتمام بالمجتمع على المدى البعيد من خلال استغلال الحدث الجانح لصالح المجتمع ليصبح مواطن صالح ، وليس اعداده كمشروع مجرم محترف منذ صغره.
