الحماية الجنائية للطفل حديث العهد بالولادة في التشريع الجزائري

Abstract

بعد هذه الإطلالة على أوجه الحماية الجنائية التي أقرها المشرع الجزائري للطفل حديث العهد بالولادة بأبعادها المختلفة، ومن خلال ما تقدم في هذه الدراسة، تبين لنا بالملموس أنَّ الحماية الجنائية المنشودة متوفِّرة نسبيا، لكن تعتريها مجموعة من النقائص والمعيقات، والتي سنبرزها في الملاحظات التالية: - فيما يتصل بتعريف الطفل حديث الولادة، ومن خلال المادتين 254 و261 الفقرة 02 من قانون العقوبات، التي تجرم قتل الطفل حديث العهد بالولادة، نجد بأن المشرع الجزائري لم يحدد معنى حداثة العهد بالولادة، ومتى تنتهي صفة حديث الولادة عن الطفل المجني عليه، وأمام هذا التباين الفقهي حول المرحلة العمرية التي يكون فيها الطفل حديث العهد بالولادة من جهة، وسكوت النصوص التشريعية من جهة أخرى، كان لا بد من تدخل المشرع الجزائري لتحديد هذه المرحلة الفاصلة بين الولادة والقتل، والتي يعتبر فيها الطفل وليدا. - فجرائم قتل طفل حديث العهد بالولادة تبقى من الجرائم التي ترتكب في الخفاء ولا يتم الكشف عنها إلا بصعوبة. ونرى أنه من الملائم أن يجعل المشرع الجزائري من وقوع القتل أو الاعتداء على سلامة جسم الطفل ظرفا مشددا للعقوبة، لأي شخص كان حتى الأم، كما فعلت بعض التشريعات، مثل المشرع المصري. - وفي إطار حماية صحة الطفل، والتي تعتبر مطلبا مهما، سن المشرع مجموعة من القوانين في هذا المجال، وبالرغم من تعدد هذه النصوص، إلاَّ أنها تلاقي صعوبات كبرى في التطبيق، ويمكن إرجاع ذلك إلى صعوبة إثبات حالات الإهمال الصحي للأطفال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى امتناع العديد من الأسر التبليغ عن جرائم الإهمال الصحي للأطفال خوفا من المتابعة الجنائية، ليظل بذلك حق الطفل في الحماية من الإهمال الصحي حبرا على ورق في أغلب الحالات، لتبقى جرائم الإهمال الصحي من بين أكثر أنواع سوء معاملة الأطفال شيوعا داخل المجتمع الجزائري. بالإضافة إلى ذلك نلاحظ في نص المادة 14 من المرسوم 69-88، أن تقرير الغرامة في حق من يرتكب هذه المخالفة غير كاف أمام ما قد تخلفه هذه الجريمة من أضرار، ومن أجل المزيد في توفير الحماية لصحة الطفل نقترح على المشرع إعادة النظر في العقوبة المقررة لهذه الجريمة.و تجميع النصوص التي تقرر الحماية الجنائية لصحة الطفل. - كما نلاحظ في مجال عدم التصريح بالمواليد الجدد، عدم تطبيق العقوبات بالنسبة للمخالفين، بحيث نقترح فرض عقوبة على الجاني متى صدرت عنه هذه الجريمة ولو بغير قصد. - وفي حالة ما إذا ولد المولود ميتا فلا ضرورة للتصريح بولادته إلى ضابط الحالة المدنية، وإنما يسجل في سجلات الوفيات بناء على طلب والديه بالرغم من أن القانون أغفل النص على مثل هذه الحالات. - وما يلاحظ على نصوص قانون العقوبات أنه بالرغم من احتوائها على أحكام تقرر الحماية الجنائية لنسب الطفل إلاَّ أنها جاءت خالية من مسألة تجريم إنكار النسب، وهو ما يشكل فراغا قانونيا يستحسن ملؤه، وذلك تماشيا مع أحكام الشريعة الإسلامية، هذا من جهة، ومن أجل حماية مصلحة الطفل من النتائج السلبية التي تنشأ بسبب إنكار الوالد أمر النسب من جهة أخرى. - و نشير أيضا إلى أن المشرع لم يحدد سنا معينة للطفل في حالة إخفاء طفل حديث الولادة عكس المشرع المصري الذي أشار في المادة 283 من قانون العقوبات إلى الطفل حديث العهد بالولادة فقط. و لم ينص أيضا على المدّة التي ينبغي أن يتمّ التسليم فيها. - غير أننا نرى من مصلحة الطفل ورعاية لنسبه نقترح على المشرع أن يحمل المسؤولية على مرتكب هذه الجريمة ولو عن إهمال، إذ غالبا ما يتقاعس من يقع عليه واجب التبليغ دون سبب جدي، فهنا لا يمكن أن نحصر المسؤولية على الجاني عند توفر عنصر العمد فقط، فهو إن وجد يكون ظرفا مشددا للعقوبة. - ودائما لتكريس حماية نسب الطفل هذا من جهة ومن أجل الحد من هذه الظاهرة والتقليص من حجمها من جهة أخرى نقترح على المشرع تجريم هذا الفعل حتى ولو وقع نتيجة إهمال نظرا لما قد يجرعن هذا الفعل من اختلاط في الأنساب، ونحن في عصر تكثر فيه آليات المراقبة وبالتالي فمتى ثبت عند المحقق إهمال من يقع عليه هذا الالتزام قامت الجريمة في حقه. - أما فيما يتصل بنطاق الحماية الجنائية للطفل فقد رأينا كيف كان منهج المشرع الجنائي الجزائري في اعتماد السياسة الجنائية التي سلكها، والتي تتمثَّل في فرض جزاءات جنائية بما يتماشى وحجم الظاهرة الإجرامية التي يرتكبها الجناة من أجل النيل والمساس بهذه الفئة الهشة من المجتمع، ومن هذا المنطلق لاحظنا أنَّ الطفل المجني عليه في قانون العقوبات قد لقي حماية من صور تعريض حياته أو أمنه للخطر