ولاية الأم على أبنائها في الفقه الإسلامي والتشريع الجزائري دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري

Abstract

مسألة الولاية تعد من المسائل الهامة والتي تمس بخلية حساسة وهي الأسرة، أي أنها تمس بالمجتمع. تكون هذه الولاية على الأطفال القصر، وهذا ما اتفق عليه المذاهب الأربعة مالكية، شافعية حنابلة وحنفية، على ضرورتها وهذا حفاظاً على القصر وعلى ممتلكاتهم. واختلفوا في أحكام الولاية ونظامها، كرؤية الحنفية في اشتراط الولي في زواج البنت القاصرة. ويظهر أيضاً الاختلاف في ترتيب الأولياء بعد وفاة الأب أو عجزه، لمن تنتقل للأم أو للجد أو غيرهما كوصاية على ذلك. بحيث اتفقت قوانين الأحوال الشخصية العربية التي تناولت أحكام الولاية على القصر فأعطت الأولية للأب، واختلفت في ولاية الأم والجد ومرتبة الوصي، وذلك باختلاف آراء ما توصل إليه الفقهاء. فتثبت الولاية على الأبناء بعد فقدان الأب ولايته للأم مباشرة، لأنها تُعد الشخص الأقرب للحنو والشفقة على أولادها من غيرها، أي الأم تكون الأحرص على تقديم الرعاية لهم والحفاظ عليهم، وهذا ما جاءت به الولاية في نظامها لأن مناطها يرتكز على مصلحة القاصر وحمايته وحماية أمواله من التلف والضياع وتنميتها، وتولي شؤونهم المالية في إجراء كل التصرفات القانونية وهذا وفق أحكام الولاية على أموال القاصر. هنا يجب على الأم كولي على أطفالها، تحّمل هاته المسؤولية، أي وجوب تحّليها بالأمانة والتدبير في كل الشؤون على القصر. وما توصلنا إليه وأثبتناه مما سبق في مسألة ولاية الأم بعد فقدان الأب، هو أن كمجمل القول والدراسة لآراء الفقهاء، يعطي للأم ولاية على صغارها وتقديمها على ولاية الجدّ أو غيره، دون ولاية الأم قد بانت غير تامة وناقصة، فقد واجهة إشكالات كثيرة تسقطها عن صلاحية الاستناد بها، وهذا إنّ كان يُرى في مصالح الأطفال القصر. وتبين من خلال البحث أن المشرع الجزائري وحسب ما جاء به في قانون الأسرة الجزائري فقد أثبت المشرع الولاية على النفس للأب في المقام الأول، ثم تحلُ الأم محلّه قانوناً بعد وفاته، أي فلا حاجة إلى قرار من المحكمة لتعيين الأب أو الأم ولياً. باعتبار ولايتهما (الأب والأم) ولاية طبيعية تقوم على صلة الدّم، كما يمكن أن تتولى الأم ولاية الأولاد رغم عدم وفاة الأب، وذلك في حالة يكون فيها الأب غائباً أو حصول مانع له فتتولى الأم هنا القيام بالأمور الإستعجالية المتعلقة بالقصر، كتمثيله أمام القضاء، باعتبار ولاية الأم ولاية تامة وكاملة. تبين أيضاً أن المشرع الجزائري في قضية زواج القاصرة حيث حذا حذو الفقه الحنفي، أي جعل الولاية على الصغيرة فقط، أما الراشدة فيها أن تزوج نفسها، لها تفويض وليها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره، أو القاضي كولي لمن لا ولي له. بعد الإطلاع على ما ذكرناه أعلاه، استطعنا الخروج ببعض النتائج والاقتراحات أن تكون ختاماً لدراستنا هذه، فكانت النتائج كالآتي: النتائج: 1ـ ما يمكننا استنتاجه في المقام الأول هو قلة النصوص القانونية التي تعالج موضوع الولاية في القانون الجزائري، ما يترتب عنه ضعف في حماية القاصر، بالمقارنة مع التشريعات العربية الأخرى التي أسهبت في وضع النصوص الخاصة بالولاية، بل تعدى إلى وضع قوانين مستقلة للولاية. 2ـ مخالفة المشرع الجزائري لأحكام الشريعة الإسلامية في العديد من أحكام الولاية. 3ـ تأثر المشرع الجزائري بالقانون المدني الفرنسي في موضوع الولاية واضح. 4ـ عدم النص على جزاء مخالفة ولي المال لسلطاته، أو في حالة تصرفه في مال القاصر دون الحصول على إذن من القاضي في التصرفات التي تستلزم ذلك. 5ـ وقوع المشرع الجزائري في تناقض حول تصرفات القاصر بين النفع والضرر، فاعتبرها موقوفة على إجازة الولي في قانون الأسرة، واعتبرها قابلة للإبطال في القانون المدني. 6ـ وقوع المشرع الجزائري في الخلط بين الأحكام بجعله الولاية للأب ثم للأم في المادة 87 من قانون الأسرة الجزائري، ثم قدم ولاية الجدّ على الأم في المادة 92 من نفس القانون. 7ـ إن الولي في عقد الزواج ركن أساسي هام لا يمكن إلغاؤه أو التقليل من حجمه ودوره مطلقاً. 8ـ أن نظام الولاية على المال شرعاً وقانوناً، يحقق مصلحة القاصر وحماية أمواله ويكفل لها النماء. 9ـ المشرع الجزائري في قانون الأسرة الجزائري قد أعطى الولاية بعد الأب للأم ثم للجدّ ثم للوصي فالمقدم، وبذلك أقرَّ بولاية الأم.