حق الترشح للانتخابات في التشريع الجزائري

Abstract

حق الترشح بإعتباره حقا من الحقوق السياسية التي يقع على عاتق الدولة تكريسها وحمايتها، وبالرجوع إلى الدساتير التي عرفتها الجزائر منذ الإستقلال ،و الإنتقال الذي صاحبها من الأحادية الحزبية إلى التعددية، يمكن القول أن الترشح خلال المرحلة الأحادية الحزبية كان إمتيازا يحتكره حزب جبهة التحرير الوطني ،وبالتالي كان هنالك تقييد لحق الترشح . إلا أنه بعد صدور دستور1989،وموجة التغيرات التي عرفتها الجزائر جاءت نصوص دستورية تقر بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين ،وجاء بعدها دستور1996 الذي أكد في المادة (50) منه على حق كل مواطن تتوافر فيه الشروط أن ينتخب ويترشح، وفي إطار هذا الدستور صدر الأمر رقم97/07 المؤرخ في06/03/1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الإنتخابات المعدل والمتمم، ثم القانون العضوي رقم12/01 المؤرخ في12/01/2012 المتعلق بنظام الإنتخابات ،وعليه تم النص على مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية حتى تكون ممارسة قانونية ووفقا لمبادئ الديمقراطية. لكن ذلك يعتبر غير كافي مالم تحاط هذه الممارسات بآليات رقابية تكفل حمايته .

لقد خرجنا من خلال دراستنا القانونية لحق الترشح في التشريع الجزائري بجملة من الملاحظات نوردها فيما يلي: -إن عدم النص على الجنسية الأصلية للمرشحين لإنتخابات المجالس النيابية الوطنية خاصة مجلس الأمة يعد أمرا خطيرا ،وذلك على أساس أن العضوية قد تتحول إلى رئاسة المجلس ،ومن ثم إلى رئاسة الدولة في الحالات المنصوص عليها في الدستور. -أن تخفيض السن بالنسبة للمجالس المنتخبة يؤكد على إتاحة الفرصة لشريحة الشباب وتمكينها من إكتساب خبرات تستجيب لتطلعاتها المستقبلية. . -الملاحظ أن الآجال التي تودع خلالها التصريحات بالترشح ،وإن كانت تعتبر مناسبة للقوائم المقدمة تحت رعاية حزب سياسي فإنها مرهقة بالنسبة للقوائم الحرة خصوصا في ظل عدد الناخبين الواجب تزكيتهم لقائمة الترشح ،وبالتالي يعتبر هذا عائقا أمام ممارسة هؤلاء لحقوقهم في الترشح.

أما بالنسبة لآليات حماية حق الترشح في التشريع الجزائري فإنها ترتبط بآليات حماية نزاهة العملية الإنتخابية ككل، وقد تم تسجيل الملاحظات التالية: -تكمن أهمية الرقابة الإدارية على العملية الإنتخابية في أن أي نظام مهما كان مثاليا وعادلا لا يستطيع بمفرده تأمين إنتخابات نزيهة وشفافة مالم تتابع وتشرف على العملية الإنتخابية إدارة صادقة تلتزم بالحياد حيال كافة المترشحين إلا أن الواقع العملي قد أثبت في الكثير من الحالات تحيز الإدارة ،لذا كان لابد من تكريس ضمانات لتحقيق هذا الحياد بالرغم من أن المشرع منح اللجنة الوطنية للإشراف على الإنتخابات مهمة الإشراف على تنفيذ أحكام القانون العضوي المتعلق بالإنتخابات، وعلى الرغم من تشكيلتها القضائية ،إلا أن الواقع العملي قد أثبت عدم فعالية التدخل الذي تقوم به اللجنة، وخاصة في مجال حماية حق الترشح ،وذلك راجع لعدم إستقلالية هذه اللجنة لأن تعيين هؤلاء القضاة راجع إلى السلطة التنفيذية.

-كما أن منح المترشحين أو ممثليهم الحق في مراقبة العملية الإنتخابية يعد أداة فعالة لحماية حق الترشح، إلا أن قلة عدد هؤلاء الممثلين على مستوى المراكز و المكاتب يحول دون ذلك. -بالنسبة للجنة الوطنية لمراقبة الإنتخابات فإن صلاحيتها تقتصر على إعداد التقارير وإرسالها دون أن يكون لها الحق في إتخاذ أي إجراء، وهذا يكشف عن محدودية الدور المنوط بها. . -إن الرقابة الدولية على الرغم من أهميتها ودورها في مراقبة العملية الإنتخابية ،إلا أن التقرير الذي تعده غير ملزم دوليا ،وبالتالي لا يحمي حق الترشح. -تعتبر الرقابة القضائية من أكثر الآليات فعالية لحماية الحق في الترشح بإعتبارها وسيلة للتطبيق الفعلي للنصوص والقواعد القانونية التي تحقق هذه الحماية، إلا أن ما يعاب عليها هو الطابع النهائي لهذه القرارات، وبالتالي نجد المشرع قد أخل بمبدأ التقاضي على درجتين المكفول دستوريا. -أما بالنسبة للدور الذي يقوم به المجلس الدستوري ،سواء بالنسبة للإنتخابات الرئاسية أو النيابية ،نقول أنه رغم التأسيس القانوني الذي تتمتع به التبريرات التي تستبعد قرارات المجلس الدستوري من الطعن بحجة أن عمل المجلس الدستوري لا يطاله اللبس فإن ذلك لا يحمي حق الترشح فمن باب أولى أن يتاح للمترشح حق الطعن في هذه القرارات.

وفي الختام يمكن القول أن الإطار القانوني الذي ينظم حق الترشح لم يرقى إلى المستوى المطلوب بالنظر لما يعتريه من ثغرات لابد من إعادة النظر فيها.