Abstract:
إن هذه القراءة بينت وبشكل جلي فردية القرار ومركزيته فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتعديل الدستوري التي تصب كلها في خانة رئيس الجمهورية ، وغم أن دستور 1996 اقر توسيع المجال النيابي من خلال اعتماد الثنائية البرلمانية إلا أن الباب الرابع منه سواء ما تعلق منها بالاقتراح البرلماني ، أو بالاستفتاء الشعبي يعود الى تقدير رئيس الجمهورية .
وهذا ما استغله رئيس الجمهورية لتمرير تعديل 2008 دون العودة إلى صاحب السيادة ، مكتفيا بالرأي الايجابي للمجلس الدستوري والذي جانب الصواب في تفسير المادة 176 وفي الاعتبارات التي اعتمدها ، مما يجعل هذا التعديل غير مبرر دستوريا وبالتالي مخالفته للدستور ، وبالنتيجة عدم دستوريته .
إن هذا التعديل الذي وصف بالجزئي كان عميقا في حقيقته ، بداء من إطلاق العهدة الرئاسية التي مكنت رئيس الجمهورية من الترشح لعهدة ثالثة ، إلى تكريس هرمية السلطة التنفيذية من خلال إلغاء مؤسسة كانت قائمة بذاتها وهى الحكومة ، واستبدالها بمجرد موظف لدى رئيس الجمهورية يسمى الوزير الأول ، مع تجريده من صلاحياته ، وفي المقابل الإبقاء على مسؤوليته السياسية أمام رئيس الجمهورية وأمام البرلمان على برنامج هذا الأخير، هذه الفسيفساء أثرت على النظام السياسي الجزائري الذي بدى غير واضح .
إن السلطات التي كانت تتمتع بها الحكومة قد سحبت منها قبل التعديل ، ودليل ذلك المرسوم الرئاسي الذي ألغى صلاحيات التعيين في بعض الوظائف ، وبرنامج رئيس الجمهورية الذي كان هو الوحيد المنفذ من طرف الحكومة ، وبالتالي فان هذه الأحكام التي مسها التعديل كانت لتغطية الاختلال الفاضح داخل السلطة التنفيذية و لدسترة الممارسات الواقعية لرئيس الجمهورية ، كل هذا جعل منه أسوء تعديل في تاريخ الدساتير الجزائرية .
أما مسودة التعديل التي طرحتها رئاسة الجمهورية فرغم نصها على تعديل المادة 31 مكرر المستحدثة بموجب تعديل 2008، والمادة 74 المعدلة بموجب نفس التعديل ، ورغم التعديلات الأخرى التي شملت السلطتين التشريعية والقضائية و...توسيع مجال الحقوق والحريات ، و كان من المفترض تصحيح الوضعية التي آل إليها منصب الوزير الأول .