الخلاصة:
من خلال دراسة موضوع الإدارة المحلية ، التي هي مظهر من مظاهر اللامركزية الإداريـة و بالتطرق إلى تنظيماتها الهيكلية و اختصاصات هيآتها إضافة إلى مدى استقلاليـة الهيآت في ممارسة مهامها يمكننا أن نستخلص أن جوهر اللامركزية الإداريـة يتمثل في استقلال الشخص المعنوي الإقليمي؛ حيث يقتضى هذا الاستقلال أن تكون له سلطة اتخاذ القرار النهائي دون الإخلال بسلطـة الشخص المعنوي المركزي في التعقيب.
لكن ينبغي على هذا الأخير أن لا يلغي شخصية الشخص المعنوي الإقليمي، حتى لا يصبح الشخص المعنوي مجرد تابع أو فرعا للسلطة المركزية و تزول بذلك آثار كيان اللامركزية.
و إذا سلمنا بأن جوهر اللامركزية الإدارية و استقلال الأشخاص اللامركزية في مباشرة اختصاصاتها دون الخضوع لما تخضع له فروع السلطة المركزية من سلطة رئاسيـة يباشرهـا الرؤساء على المرؤوسين، فإن هذا لا يمنع من وجود نوع من الرقابة للسلطة المركزية على أعمال الأشخاص الإقليمية بل يعد ضروريا للمحافظة على كيان الدولة و نظامها بالإضافة إلى التزام الأشخاص الإقليمية بواجباتها و عدم مخالفاتها. إلا أنه ينبغي ألا تكون هذه الرقابة متشددة إلى درجة أن تذوب شخصية الأشخاص الإقليمية و تفقد استقلالها و بالتالي يفقد نظام الإدارة المحلية جوهره و لهذا فإن موضوع الرقابة يشكل معادلة ليست سهلة المنال، مما يستوجب معالجتها بدقة شديدة. حيث إذا أفرطنا في الرقابة و فرطنا في الاستقلال قيدنا الأشخاص الإقليمية و افقدنا الإدارة المحلية جوهرها و فائدتها. و إذا فرطنا في الرقابة و بالغنا في الاستقلال قد تتعرض المصالح ا لوطنية إلى الضرر، و لربما تعارضت القرارات بين السلطة المركزية و الأشخاص الإقليمية بل و لربما تجاوزت تلك الأشخاص حدود صلاحيتها.
و كخلاصة لهذه الدراسة و بناءا على ما تقدم و من أجل تطويرآداء هذه المجالس و لعب دورها الرئيسي لترقية التنمية المحلية في جميع ا لمجالات فإنه يكون من الواجب علينا الإجابة على ما طرح من إشكاليات مسبقا و إبداء بعض الاقتراحات و التوصيات التي نرى انه من الضروري أخذها بعين الاعتبار لاستكمال دور المجالس المحلية و بلوغها الأهداف المنشودة منها و تتمثل في :
التوصيات:
وجوب إعادة توازن بين صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي بصفته ممثلا للبلدية و بصفته ممثلا للدولة ، مع تدعيم دوره باعتباره ممثلا للدولة
إعادة توازن بين مركز رئيس المجلس الشعبي الولائي و مركز الوالي .
تحويل كل صلاحيات الوالي المحلية إلى رئيس المجلس الشعبي الولائي و حصر مهام الوالي في تلك المتعلقة بتمثيل الدولة و تدعيمها.
يجب إيجاد آليات لتدعيم و بسط الرقابة الحقيقية للمجلس الشعبي الولائي باعتباره هيئة مداولة على الوالي و باعتباره جهاز تنفيذي.
ضرورة تعديل قانون الانتخابات بوضع معايير للترشح تضمن تشكيل مجالس منتخبة من كفاءات قادرة على التسيير بما لا يتعارض مع النظام الديمقراطي.
العمل على إيجاد توازن بين دور الوالي باعتباره ممثل للجماعة المحلية و دوره كممثل للدولة.
ضرورة مراجعة اختصاصات الوالي و تقييد البعض منها باشتراط الرأي المسبق و الإلزامي للمجلس الشعبي ألولائي باعتباره جهاز مداولة و ممثلا للإرادة الشعبية.
كفالة تشكيل المجالس البلدية من عناصر قادرة على الوفاء بواجباتها منتخبة و معينة ) بالاعتماد على الخبرة و التخصص على أن تكون الغلبة للعناصر المنتخبة و هذا تأكيد لاستقلال تلك المجالس ).
إسناد كل المهام التى تتصف بالمحلية إلى المجالس المحلية خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المجتمعات و من خلالها حاجات السكان في تطور مستمر الأمر الذي
يقتضى المرونة في تنظيم صلاحيات المجالس المحلية بشكل عام دون تحديد الأمر الذي قد يقف حجرة عثر أمام أداء هذه المجالس لواجباتها على أحسن وجه . فهذا الأسلوب من شأنه إعطاء حرية أكثر للمجالس المحلية لممارسة اختصاصاتها التى تتم بدورها تحت إشراف من السلطة المركزية.
اشتراك السلطة المركزية مع المجالس المحلية في نفس الاختصاصات الفنية ذات الأهداف الوطنية و المحلية في نفس الوقت.
تأكيد النصوص التشريعية المنظمة لاختصاصات الإدارة المحلية على منحها له إتحاذ القرار النهائي و قدرة أجهزتها على ممارسة الاختصاص التقريري و عدم حصره في الاختصاص الاستشاري المتمثل في اقتراح القرارات أو إبداء الرأي بشأنها.
دعم القدرات المالية للإدارة و المجالس المحلية عن طريق نصوص تشريعية تكفل توفير الدعم المالي الضروري، بالإضافة إلى تخصيص كل إيرادات الضرائب المحلية لهذه المجالس. إن الغاية من كل هذ ا هو البحث عن حل توفيقي دون الاستغناء على نظام الوالي وفق ما تقتضيه ظروف الإدارة المحلية و بالتالي تدعيم دوره بوصفه ممثلا للدولة وهذا ما لا يتعارض مع تحويل بعض الاختصاصات الممارسة باسم المجموعة المحلية من الوالي إلى رئيس المجلس الشعبي الولائي بغرض تحقيـق توازن بين الهيآت و الصلاحيات الأمر الذي يضمن للولاية مميزاتها كوحدة محلية حقيقية. و أخيرا إن ما يمكن استخلاصه هو ضرورة وجوب تعديل قانوني البلدية و الولاية بما يسمح خلق توازن بين المجموعات المحلية و السلطة المركزية و تنظيم.
العلاقة بينهما على ضوء ما تقتضيه ا لمتطلبات الراهنة خاصة المتعلقة منها بالتعددية الحزبية التى تسمح تشكيلة هذه المجالس بشكل يضمن بقاء سلطة الدولة دون القضاء على مبدأ استقلاليـة و حريـة الجماعات المحلية في ممارسة اختصاصاتها.