Abstract:
بالرغم مماجاء به قانون الولاية الجديد 12-07 من ايجابيات ، من خلال ضبط اطر التخطيط والتنفيذ وسلطة اتخاذ القرار ، إضافةإلى تكريس مبدأ اللامركزية وتجسيد الديمقراطية المحلية والحكم المحلي ، إلا انه لم يختلف عن القانون السابق 90-09 من حيث النقاط التالية :
بالنسبة للوالي :
ان الطبيعة القانونية لمنصب الوالي في التشريع الجزائري ، وخاصة على مستوى الوظيفي تبدو كل التعديلات التي طرأت على قانون الولاية ، ذهبت إلى تدعيم الدور المركزي للوالي وعززت من صلاحياته ، كما أن النصوص التنظيمية ما لبثت تكلفه باختصاصات اضافية غير مكتفية بالاختصاصات المنوطة به بمقتضى قانون الولاية ،حتى يخيل لنا من خلال دراستنا لهذا الموضوع من خلال الصلاحيات الممنوحة له والتي لاحصر لها بالنظر لسلطة المبادرة التي يحوزها اننا امام شخص غير عادي ، فلايمكن بأي حال من الاحوال ان يقوم بكل المهام الموكلة له ، ولا يمكنه بان يضطلع بجميعها ، حتى ولو أحسن استخدام اليات التسيير المختلفة بطريقة علمية كتفويض جزء من تلك الصلاحيات .
فالوالي كما رأينا يمارس دورا مزدوجا بصفته ممثلا للدولة من جهة وممثلا للولاية من جهة أخرى ، كما يمارس نوعين من الوظائف ، سياسية وإدارية مما ادى الى بروز اثار الازدواجية من خلال صعوبة الموازنة بين السلطات والاختصاصات التي يمارسها لحساب الدولة والاختصاصات التي يزاولها لحساب الولاية بصفته هيئة تنفيذية للجماعات الاقليمية .
فقد كرس القانون مبدأ وحدة القيادة مما ادى الى اتساع وتنوع صلاحيات الوالي ، وهذا مما جعل وظيفة المجلس الشعبي الولائي في حدود ضيقة مما نتج عن ذلك انعدام التوازن في توزيع المهام والصلاحيات بين هيئتي الولاية ، مما يقتضي الأمر بدرجة اولى اعادة النظر والتفكير في الاسس التي تقوم عليها اللامركزية مع اعادة القانون التنظيمي العام الذي يتضمن استقلالية الجماعات الإقليمية، فاللامركزية التدريجية التي رسمتها الدولة منذالبداية أظهرت فشلها،فبناءعلى هذه الفكرة يمكن ان يصدر قانونا خاصا للولاة كما هو الشأن في فرنسا ، يتضمن احكام وقواعد عمل الولاة للتخلص تدريجيا من هيمنة الحكومة عليهم وجعلهم يخضعون لرقابة السلطتين التشريعية والقضائية ، هذا القانون لابد ان يصدر بعد دراسة وتمحيص وتقييم للدور الحقيقي الذي يجب على الوالي أن يقوم به ، وان يراعي فصل الصلاحيات المركزية ومظاهرها عن الصلاحيات اللامركزية في الحياة السياسية والمدنية مع المجلس الشعبي ألولائي المنتخب ، وذلك يؤدي إلى تخفيف العبء عن الوالي ، عند اعطاء بعض الصلاحيات لرئيس المجلس الشعبي ألولائي ، حتى يتمكن الوالي الافلات من قبضة السلطة السياسية .
بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي :
ان الدور الذي يقوم به رئيس المجلس الشعبي البلدي والمتمثل في التمثيل المركزي على مستوى البلدية ، يكمن نجاحه في مدى تحقيق استقلال يكفل تسيير الجماعاتالإقليمية لشؤونها فالأصل في هذا النظام هو الاستقلال الذي يعتبر جوهر اللامركزية الادارية والاستثناء منه يكمن فيما تمارسه السلطة المركزية والرقابة على هذه الهيئات بشكل دقيق دون الخروج عن مفهوم اللامركزية .
وان اي تجاوز في ممارسة هذه الرقابة يؤدي فيها الى الاخلال بمبدأ التوازن بين الاستقلال الممنوح وما تفرض عليه من رقابة محددة وبالتالي الانحراف عن مسار اللامركزية وفقدانها صفتها الاساسية اذا لم يتم التوفيق بين ما منح من استقلال يكفل تجسيد للتنظيم الإداري ، وبالأخص السير في ظل نظام لامركزي صحيح ، وبين ما فرض من وصاية قصد تحقيق الانسجام في تنفيذ السياسة العامة وحماية الدولة اداريا وقانونيا .
حيث منح المشرع الجزائري للجماعات الاقليمية استقلالا لا يتحقق باجتماع اشكاله الثلاثة استقلال عضوي ووظيفي ومالي .
ورغم التعديلات الجديدة الطارئة على قانون الجماعات الإقليمية ، إلا انه لم يأتي بجديد يحقق إدارة محلية تتوافق والنظام اللامركزي ، فالنصوص القانونية تمنح الاستقلال من جهة وتحقق مبدأ اللامركزية ، ثم تقيد هذا الاستقلال من جهة اخرى من خلال نفس النصوص ، وهذا مقبول لكنه بإجحاف في حق الاستقلال حيث تجعل من الاستقلال شبه صورة وهمية خاصة من خلال جعل سلطة الوصاية ، وخاصة الوالي محورا للحياة الإداري المحلية ، لاسيما على مستوى البلدية ، ولهذا وجب على المشرع الجزائري ضبط العلاقة في الاستقلال والتبعية في خضم النظام المركزي من خلال تخليص استقلال هيئاته المحلية التي اصبحت بمثابة فروع محلية للسلطة المركزية ، خاصة إذا كان رئيس المجلس البلدي يفتقر الى مؤهلات علمية ولا يكون مضطلعا بخبايا التسيير الإداري ، الذي يعتبر مهم في تسيير شؤون البلدية ، وكذا غياب الوعي لدى المواطنين .