المستودع الرقمي في جامعة الجلفة

الحصانــــة النيابيـــة في التعــديل الدستـــوري 2016

عرض سجل المادة البسيط

dc.contributor.author سعدي ،براهيمي, مفتاح ، يحي
dc.date.accessioned 2020-03-23T06:04:48Z
dc.date.available 2020-03-23T06:04:48Z
dc.date.issued 2020-03-23
dc.identifier.uri http://dspace.univ-djelfa.dz:8080/xmlui/handle/123456789/2208
dc.description.abstract من خلال ما استعرضناه في بحثنا أن الحصانة البرلمانية هي آلية و إمتياز دستوري مكفول لعضو البرلمان لأجل أداء مهامه الوظيفية البرلمانية على أكمل وجه دون خشية من أي جهة ، لا سيما السلطة التنفيذية التي لا تنفك في وضع العراقيل و المطبات أمام عضو البرلمان من أجل تحييده عن القيام بعمله ، حتى يسهل تحقيق ما تصبو إليه ، و الحصانة البرلمانية لم تمنح و تتقرر لشخص عضو البرلمان ، إنما تقررت للوظيفة التي يؤديها ، فهو يتمتع بها بإعتباره ممثل عن الأمة و الناطق بلسانها ، فهو جزءا من كل ، هو البرلمان الراعي الرسمي لإرادة الشعب و حاميها ، و بذلك فالحصانة البرلمانية هي ضمان للعمل البرلماني ككل و ضمان للديمقراطية ، و المؤسس الدستوري لما منح هذه الميزة و الخاصية لعضو البرلمان لم يكن في ذلك تمييزا له عن باقي مواطني الدولة ، إنما بإعتباره الشخص الذي إجتمع حوله جمع من الناس ، إتفقوا على أن يكون هو ممثلهم و القائم على شؤونهم ، لذلك كان من الواجب إعطاء هذا الممثل لإرادة الأمة الحماية اللازمة حتى يستطيع أداء مهامه في أحسن الأحوال ، و يعبر عن هذه الإرادة الجماعية للشعب ، و حتى لا يكون عرضة لتهديدات السلطات الأخرى ، و يستقيم التوازن و التعاون بين السلطات العامة في الدولة و يتحقق مبدأ الفصل بينها ، لذلك نجد أن الحصانة البرلمانية ترتبط إرتباطا شديدا بعضوية النائب ، فهي تقوم بوجودها و تنعدم بزوالها . و لقد رأينا أن الحصانة البرلمانية قد قطعت أشواطا عدة قبل أن تستقر على معنى ثابت و محدد و خاص بفئة محددة و هم أعضاء البرلمان ، فجذور الحصانة البرلمانية ضاربة في التاريخ بدأت مع ظهور المجالس الوطنية ببريطانيا ، و اتضحت مع صدور وثيقة الحقوق أو ما يسمى بميثاق العهد الأعظم سنة 1688 فجاء نص المادة التاسعة منه ليؤكد " أن عضو البرلمان معفى من كل مسؤولية عما يبديه في المجلس من الأفكار و الآراء و الأعمال ..." ، فكان هذا النص أول محاولة لوضع سكة التوازن بين سلطة الحاكم و بين ممثلي الشعب (مجلس العموم) ثم أخذت في التطور حتى استقرت على مبادئ ثابتة قوامها أنها إمتياز لعضو البرلمان ضد كل أشكال الضغوط من أجل السماح له بأداء مهامه على أحسن وجه ، فميلاد الحصانة البرلمانية كان من أجل إعطاء أكثر حماية للذي يدافع عن مصالح الشعب دون خوف من المتابعة الجزائية و بذلك يمكنهم مجاراة السلطة التنفيذية على الوجه الخاص ، أو أي جهة أخرى بشكل عام ، و كشف أعمالها و مخالفاتها للقانون فكانت الحصانة الموضوعية الآلية المناسبة لتمكين عضو البرلمان من التصريح و القول و التلفظ بأي كلام حتى و إن كان فيه سبا و شتما بحق أحد الأشخاص بشرط أن يكون صدور هذا الكلام مرتبط بأداء العضو لمهامه البرلمانية ، لكن مع ذلك نجد أن بعض الدول قد وضعت استثناءات على هذا ، و ليس بصفة مطلقة ، رغم أن المفهوم الأصلي للحصانة البرلمانية أنها جاءت بشكل مطلق ، فنجد منها من أخرج عبارات السب و الشتم الموجهة ضد شخص الحاكم من مجال الحماية الممنوحة لعضو البرلمان مثلما فعل الدستور المغربي كما رأينا ، و كذلك البعض نزع غطاء الحماية عن البرلماني في حالة الإساءة للدين الإسلامي مثلما نص عليه المؤسس الدستوري البحريني ، كما أن بعض الدول قد ربطت تمتع عضو البرلمان بالحماية البرلمانية أن يكون الكلام الصادر عنه أثناء الدورات التشريعية ، أما بالنسبة للمؤسس الدستوري الجزائري فقد تميز عن ذلك و جعلها مطلقة ، آخذا في ذلك تقليد المؤسس الفرنسي ، فلم يضع أمام عضو البرلمان أي قيد ما عدا ضرورة ارتباط أقواله و تصريحاته بالعمل و الوظيفة البرلمانية ، و دون أن يكون صدور تصريحاته المعاقب عليها قانونا لو صدرت عن مواطن عادي مرتبط بالدورات التشريعية ، و نحن نرى أنه حتى و إن كان ذلك يحسب للمؤسس الجزائري الذي جعل الحصانة الموضوعية لعضو البرلمان بصفة مطلقة ، إذ الحماية لا يمكنها أن تشمله خلال الدورات التشريعية فقط بل طوال العهدة البرلمانية باعتباره ممثلا للشعب بصفة مستمرة و ليس بصفة متقطعة ، و بذلك فقد أحسن و وفق المؤسس الجزائري في ذلك ، إلا أن ما يؤخذ عليه أنه لم يضع حسبانا في حالة التلفظ بكلام سيئ للديانة الإسلامية ، أو الإساءة لرئيس الجمهورية ، و كذا مختلف الديانات الأخرى ، و كان ذلك مرتبط بأداء عمله البرلماني ، خاصة و أن أقصى العقوبات التأديبية المقررة في نصوص مواد النظامين الداخليين لكل من المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة هي المنع من تناول الكلمة لذلك نرى أنه يستحسن إعادة النظر بالنسبة لهاته الحالة و ما شابهها حتى يعاد صياغة العقوبات بالشكل الذي يمنع حدوث ذلك ، خاصة و أنها تظهر أخف العقوبات التأديبية المقررة لعضو البرلمان مقارنة مع مثيلاتها من دساتير الدول و التي تصل العقوبات فيها إلى خصم نصف التعويضات الممنوحة له خلال ستة أشهر ، كما فعل المؤسس الدستوري الفرنسي ، أو أن تصل إلى عقوبة الطرد من المجلس أو الحبس مدة انعقاد الدورة البرلمانية مثلما فعل المؤسس البريطاني ، فالقول بالحماية المطلقة بالبرلماني من كل متابعة أو عقاب بسبب ما يمكن أن يصدر عنه من سب و شتم و تشهير ضد خصومه يمكن أن يعطي له ذريعة مطلقة ليتمادى في تصرفاته ، لذلك وجب وضع كوابح قانونية كعقوبات تأديبية مع مراجعتها حتى تكون كفيلة بمنع حدوث ذلك بالصورة الأنسب. كما خص المؤسس الجزائري عضو البرلمان بحصانة نسبية ضد كل الإجراءات الجزائية التي يمكن أن تتخذ ضده ، حماية في ذلك للوظيفة البرلمانية و ضرورة استمرارها خاصة اذا كان العضو يحتل منصب نوعي مثل رئيس المجلس بحسب الأحوال ، أكان المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة ، أو رئيس لجنة من اللجان البرلمانية ، و جعل هذه الإجراءات مرهونة بصدور إذن من المجلس التابع له العضو المعني ، و رتب البطلان المطلق على الإجراءات القانونية المتخذة قبل عضو البرلمان دون حصول إذن المجلس المعني حتى و إن كانت القضية على مستوى المحكمة العليا و لأول مرة يطرح الدفع ، ذلك أن الحصانة البرلمانية من النظام العام مثلما قرره المؤسس الدستوري الجزائري القاضي ملزم بالتصدي ببطلان الإجراءات إن اتخذت دون مراعاة واجب أخذ الإذن ، بل أكثر من ذلك فقد رتب جزاء و رصد عقوبة لمخالفتها في نص المادة 111 من قانون العقوبات ، و مع ذلك فقد وضع استثناء و هو حالة التلبس و الجريمة المتلبس بها أين يمكن إيقاف عضو البرلمان المقترف للجريمة ، و من ثم إخطار المجلس التابع له العضو ، لكن يعاب على المؤسس أنه رغم جعله مبدأ الحصانة مبدأ عام و أنها تقررت لحماية الوظيفة البرلمانية إلا أنه لجأ خلافا لأغلبية الدساتير المقارنة إلى النص على إمكانية تنازل عضو البرلمان عن حصانته و هذا يعد خروجا عن المألوف ، طالما أن المبدأ منذ إعلانه لم يعرف هذا الخروج ، و مرد ذلك أن اختصاص رفع الحصانة البرلمانية يعود للبرلمان صاحب الاختصاص ، لا سيما و قد رأينا أنه بإمكانه المطالبة ببطلان الإجراءات المتخذة ضد أحد أعضاءه في حالة عدم استئذانه ، كما أن الحصانة البرلمانية تقررت لصالح الوظيفة البرلمانية و ليس لشخص البرلماني ، بينما منح هذا الأخير إمكانية تنازله عن حصانته ، و دون تحديد كيفية ذلك يدفع إلى الجزم أن المؤسس الدستوري الجزائري ناقض ذلك و خالف ما جاء في الدساتير المقارنة حتى أن الدول التي فتحت المجال لإمكانية تنازل عضو البرلمان عن حصانته هي قليلة ، و ضيقت من ذلك ، فقد رأينا بريطانيا حصرت تنازل العضو عن حصانته فيما يخص جريمة السب و الشتم ، بينما جعلت سويسرا إمكانية حدوث ذلك بالنسبة للجرائم غير المرتبطة بالعمل البرلماني ، أما بالنسبة للكويت فقد نصت المادة 23 من لائحتها الداخلية لمجلس الأمة بشكل غير مباشر على إمكانية التنازل عن الحصانة و ذلك ربطت ذلك بإذن المجلس . و ما يمكن قوله هنا أنه ربما التجربة البرلمانية القصيرة للدولة الجزائرية لا سيما التعددية الحزبية و تبلور مفهوم الديمقراطية ، خاصة أن استحداث امكانية تنازل عضو البرلمان عن حصانته أتت مع نصوص دستور 1989 ، كما أن التجربة البرلمانية لم تعرف خلالها أحداث كان من شأنها طرح مسألة الحصانة البرلمانية و معها مشكلة التنازل عن الحصانة من طرف عضو البرلمان إلا مؤخرا مع حادثة إقدام السيد (اسماعيل ميرة) عضو حزب التجمع الوطني الجمهوري على ارتكاب جريمة القتل و التي برغم الاشكالية التي طرحت آنذاك إلا أن قضيته بقيت دون معرفة مآلها ، لا سيما أننا لم نعثر في الجريدة الرسمية للمداولات للمجلس الشعبي الوطني في طلب العضو التنازل عن حصانته من أجل تمكين الجهة القضائية المختصة من مباشرة الإجراءات القانونية اللازمة ، كما أن الجدل الذي أثاره عضو البرلمان السيد (آيت حمودة) نجل الشهيد عميروش قد طرح مسألة رفع الحصانة عنه عندما أدلى بتصريحاته في قبة البرلمان بتشكيكه في عدد شهداء الثورة و مقولة مليون و نصف المليون شهيد الأمر الذي أحدث زوبعة لدى ما يسمى بالأسرة الثورية التي طالبت برفع الحصانة عنه (1) ، لكن القضية لم تعرف تطور كان بالامكان متابعتها و الوقوف على مسألة تمتع عضو البرلمان بالحصانة البرلمانية ضد كل الأقوال التي تصدر عنه أثناء أدائه لمهامه البرلمانية لا سيما داخل البرلمان لنعرف مدى تكريس هذا المبدأ في الواقع العملي ، و على عكس الجزائر أمكننا إيجاد بعض الإحصائيات لطلبات رفع الحصانة عن برلمانيين ، و الرد على هذه الطلبات مثلما هو الحال بفرنسا ، فقد بلغت طلبات رفع الحصانة البرلمانية المودعة لدى مكتب المجلس الوطني من سنة 1960 إلى غاية 21 جوان 1995 قبل التعديل الدستوري ثلاثين (30) طلب تمت الموافقة على سبعة منها ، و رفض أربعة حالات بينما تسعة عشر طلب لم يناقش ، كما أنه من ضمن طلبات الإيقاف أو اتخاذ إجراءات مقيدة للحرية ضد أعضاء البرلمان الموجهة للمجلس الوطني خارج انعقاد الدورات ، فقد تم الموافقة على حالتين و رفض ثلاثة حالات ، منها حالة النائب السيد (برنارد طابي Bernard tapie ) (2) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ www.aljaras wordpress.com (2) جريدة الجرس نقلا عن جريدة الشرق الأوسط في 19/01/2009 (2) Michéle Bert Hod-Daniel Hochedez, Connaissance de L’assemblée, France, Septembre 2002, p 16. بينما طلبات الإيقاف أو اتخاذ إجراءات مقيدة لحرية النائب لا سيما الوضع تحت الرقابة القضائية فقد بلغ منذ التعديل الدستوري لسنة 1995 سبعة حالات منها أربعة حالات تمت الموافقة على طلب الوضع تحت الرقابة القضائية أشهرها قضية العضو البرلماني السيد (Bernard tapie) رئيس نادي مرسيليا سابقا ، فيما تم رفض ثلاث طلبات (1) . و برغم ذلك نرى أنه لا يمكن أن يسمح بترك أمر الحصانة البرلمانية مرهون بيد عضو البرلمان ، لذلك يستحسن من المؤسس الجزائري تعديل هذا النص تماشيا مع مبدأ النظام العام المقرر للحصانة ، فمثلما هي الدعوى العمومية من النظام العام تحريكها مكفول لوكيل الجمهورية ، لا يجوز له التنازل عنها طالما يمثل الحق العام ، فكذلك الحصانة البرلمانية هي من النظام العام شرعت من أجل السماح بممارسة البرلماني للمهام التي فوضه الشعب من أجل القيام بها ، و بالتالي منطقيا لا يمكنه التنازل عنها بمحض إرادته . و مهما قيل بشأن الحصانة البرلمانية ، فإنها تبقى ميزة و خاصية دستورية أوجدها المؤسس الدستوري حتى تكون ضمانة للأداء البرلماني في أحسن الظروف و حتى يحقق نوع من التوازن العام في الدولة ، و بالتالي تحقيق و سيادة مفهوم الفصل بين السلطات فصلا مرنا من شأنه أن يسمح بنوع من التعاون بينهما من أجل إستمرار الدولة في أداء مهامها و النتيجة المستخلصة من كل ما سبق ردا على إشكالية الموضوع المطروحة سلفا هي أن كفالة عضو البرلمان بالحصانة البرلمانية كان لأجل الوظيفة البرلمانية و ليس لشخصه ، و هي ضمانة كافية من أجل السماح له بالقيام بدوره النيابي ، و لا شك في أنها بقيت من الامتيازات القليلة التي يتمتع بها البرلماني في ظل تراجع الدور التشريعي للبرلمان و بشكل عام ما تشهده السلطة التشريعية من تراجع فاسحة المجال لتقدم السلطة التنفيذية ، فعضو البرلمان يتمتع بحماية كفيلة بأن تمكنه من لعب دوره مثلما هو مقرر في الدستور و القوانين طالما بقي عمله مرتبط بالوظيفة البرلمانية و لم يخرج عن إطارها المحدد لكن يبقى المشكل حسب رأينا هو تراجع البرلمان كهيئة دستورية في القيام بدوره الريادي لا سيما في التشريع و ممارسة الرقابة البرلمانية على الحكومة . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) Michéle Bert Hod – Daniel Hochedez , op . cit , p 17 كما أن منح عضو البرلمان هذه الميزة لا تعد إخلالا بمبدأ المساواة طالما أنها تقررت له بموجب الدستور حامي الحقوق ، و أنها منحت له من أجل حماية ممثل الشعب صاحب السلطة الحقيقي قصد تمكينه من القيام بالدفاع عن مصالح المجتمع ، فعضو البرلمان دون هذه الصفة مثله مثل أي فرد عادي يخضع للقانون بسبب ما يمكنه أن يرتكبه من تجاوزات في حق المؤسسات و الأشخاص، دون أن ننسى أن هناك نصوص قانونية متى توفرت شروطها و أحكامها منها عدم ارتباط فعله بالوظيفة البرلمانية فإن عضو البرلمان تتم معاقبته كأي فرد من أفراد الدولة رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية بشرط التقيد بالشروط و الإجراءات المتضمنة في النصوص الدستورية و القانونية ، و حينئذ يكون التطبيق السليم لمبدأ الشرعية . و بعد هاته الدراسة لموضوع الحصانة النيابية في التعديل الدستوري 2016 فقد اتضح جليا أن هذا التعديل الأخير لم يأتي بجديد حول الحصانة النيابية بل بقيت نفس نصوص المواد في دستور 1996 ، ماعدا اختلاف في رقم هاته المواد . en_EN
dc.subject الحصانة - النيابة - المحكمة - الدستور - دستور 2016 - الجزائر en_EN
dc.title الحصانــــة النيابيـــة في التعــديل الدستـــوري 2016 en_EN


الملفات في هذه المادة

هذه المادة تظهر في الحاويات التالية

عرض سجل المادة البسيط

بحث دي سبيس


بحث متقدم

استعرض

حسابي