الخلاصة:
انه و من خلال دراستنا لهذا الموضوع يتبين لنا أنه بالرغم من أن القوانين و التنظيمات قد وضعت آليات و ميكانيزمات للرقابة القبلية و البعدية من أجل ضمان الشغل العقلاني للعقار العمراني و لفرض احترام أدوات التهيئة و التعمير ، و كذا توقيع الجزاء على المخالفين من أجل حماية النظام العام العمراني ، إلا أن الواقع يثبت عدم فعالية هذه القواعد من حيث التطبيق وإن كانت حقيقة تتسم بالدقة و الأسباب كثيرة .
فالجهات الإدارية التي يقع على عاتقها تنفيذ القوانين و التنظيمات أحيانا ما تسبب في عدم تطبيقها حيث لا تتوافر على الوسائل المادية و التقنية التي تمكنها من الاضطلاع بهذه المهام الرقابية بالسرعة المطلوبة ، مما يفرض عليها في الأخير سياسة الأمر الواقع .
كما أن الجهات القضائية قد يحدث لها أن لا تحسم في النزاعات بالسرعة المطلوبة و هذا راجع لإجراءات التقاضي الطويلة ، و تقاسم عدة جهات قضائية للاختصاص في هذا المجال .
ضف إلى ذلك وجود توجه قديم يبغي التسامح و الصلح مع المخالفين لقواعد التهيئة و التعمير و يقودنا هذا البحث الى نتائج قانونية أهمها :
1- ينبغي على المشرع الجزائري أن يبسط إجراءات الرقابة و ذلك بتجميعها في إطار تشريعي واضح و عدم جعلها متفرقة و مبعثرة بين عدة نصوص الأمر الذي سيمكن حتما من التحكم فيها
2- من الضروري تبسيط و تيسير إجراءات الحصول على مختلف الرخص و الشهادات خاصة تلك المتعلقة بمواعيد تسليم هذه الأخيرة و هذا لما لها من اهمية في حث الأفراد على الحصول عليها ، من ثمة التقليل من مخالفتها .
3- يجب أن يكون مبلغ الغرامات في محال المخالفات المرتكبة في هذا الميدان مرتفعا بالقدر الذي يشكل رادعا للمخالفين و هو ما حدث مؤخرا في قانون 15/08 المحدد لقواعد مطابقات البنايات و إتمام انجازها نرجو فقط أن يجد هذا الأخير فعالية من حيث التطبيق و أن يحترم بكل صرامة و حزم من قبل الجميع .
4- من الضروري تدريس قانون التهيئة و التعمير في التكوين القاعدي للقضاة ، ذلك أن هذا الأخير يثير منازعات معقدة يصعب في الكثير من الأحيان استيعابها لذا يجب على القاضي أن يكون مضطلع و لو بجزء من المفاهيم حتى لا يفوض جميع اختصاصه للخبير.
5- يجب تحديد مهلة قانونية للقاضي لإصدار قراره ، عندما تسند له مهمة رقابة مشروعية الرخص المختلفة ، حتى تكون هناك سرعة في الفصل في القضايا المطروحة عليه فميدان التهيئة و التعمير ميدان حساس و مرتبط بمصالح مختلفة أهمها المصلحة الاجتماعية .
6- يجب ان تكون لدعوى الإلغاء أثار توقيفية لقرارات العمران الفردية بحكم القانون ،و هذا لتفادي الأضرار الناجمة عن القرارات المشوبة بأي عيب .
7- يجب ان يكون هناك تنسيق و تعاون بين مختلف المتدخلين في قطاع التعمير ، مع مضاعفة الأيام الدراسية و اللقاءات التقويمية خاصة اتجاه الأعوان المؤهلين بالرقابة لاستظهار النتائج الميدانية.
8- يجب تدعيم البلديات و الفرق المختلطة المتواجدة في مقر الدوائر الإدارية بالوسائل المادية و الكفاءات المتخصصة في هذا القطاع من القيام بالمهام الرقابية على أحسن وجه وخاصة بصفة دائمة و مستمرة .
9- يجب القيام بحملات تحسيسية من اجل نشر ثقافة عمرانية بين أفراد المجتمع ذلك أن الحماية القانونية و حدها لا تكفي لضمان قواعد التهيئة و التخطيط العمراني ، و لذا نأمل أن يكون هذا البحث قد أحاط بصفة وافية بمختلف جوانب الموضوع، ووصل به الى درجة من الوضوح ، و أن يكون فاتحة لجهود مستقبلية .
و يقودنا هذا البحث إلى جملة من النتائج التي توصلنا إليها بعد دراستنا للموضوع و اطلاعنا على القوانين التنظيمية و الإدارية و المراسيم الخاصة بالتهيئة و التعمير تتمثل في :
أ- إعطاء صلاحيات أكثر للبلديات في ميدان التهيئة و التعمير و التقليص من ضغط الوصاية عليهم ، و الذي يجعل هامش تدخلها محدود ، حتى تكون طرفا فاعلا في صناعة القرار المحلي بالدرجة الأولى.
ب- ان غياب التعاون بين المواطنين و الجهات الإدارية المختصة للعمل على تطبيق قوانين البناء و التعمير خاصة عند إدراج تعديلات بهاته القوانين ، يجعل من الأوضاع تزداد سوءا و تعقيدا .
ت- أن ضعف التكوين لدى الأشخاص المكلفين بالرقابة على المستوى المحلي من جهة و تغليب الجانب الشكلي على معظم الإجراءات الرقابية التي يتخذونها ، هو تشجيع على ارتكاب المخالفة.