Abstract:
إن عملية الأخذ بنظام المجلسين في الجزائر وذلك بإستحداث غرفة ثانية "مجلس الأمة " التي جاءت بموجب سياسة التقويم الوطني و عصرنة النظام المؤسساتي ، قد أسفرت عن ضمان التوازن بين السلطات و إستقرار مؤسسات الدولة ، بما يحول دون حدوث أزمات الفراغ السياسي و المؤسساتي المؤدية إلى الإضطرابات السياسية .
لقد ظل مجلس الأمة ، منذ البداية ، متمسكا بالطريق التي رسمها له القانون الأساسي ، الذي يرجع إليه الفضل في وجود من جهة ، وبتبني قواعد العمل الضرورية لإنجاح مسعاه من جهة ثانية .
فلقد إستمد مجلس الأمة من الدستور محافظته و سهره الدائم على إحترام المباديء التي تشكل أسسا شرعية لمؤسسات الدولة ، وممارسة السلطة ، إذا كلما تعرضت هذه المبادئء لخطر المساس بها أو حجبت مؤقتا ، فإنه لن يتردد في تحمل مسؤوليته الأساسية في الحفاظ على قيم القانون و الديمقراطية .
كذلك يتعلق الأمر في ممارسته لمهامه البرلمانية ، فقد أبدى مجلس الأمة إنشغاله الدائم ، بضرورة الإلتزام الدقيق بالنصوص ، معتمدا في ذلك على إنضباط أعضائه و تحليهم بروح المسؤولية و تجاوز ولاءاتهم الحزبية و تجسيد تعلقهم بدولة القانون و بالأسس الدستورية .
و من خلال التجربة الدستورية التي مر بها البرلمان الجزائري ، أصبح للغرفة العليا دور فعال إلى جانب الغرفة السفلى ، ومكانة هامة معترف بها في إطار عملها البرلماني .
وهو ما أكد عليه من خلال التعديل الدستوري 2016 الذي أفرز تغييرا في عمل السلطات وعلاقاتها فيما بينها .
ومن خلال دراستنا وصلنا إلى النتائج التالية :
_ بفضل تأسيس مجلس الأمة كغرفة ثانية إلى جانب المجلس الشعبي الوطني ، أضاف إلى البرلمان تحسنا في العمل التشريعي و تقوية مهامه .
_ لقد أعطى المؤسس الدستوري لمجلس الأمة مكانة هامة عما كان في الماضي وذلك من خلال مساهمته في التشريع بصفة و صلاحيات أكبر وذلك في المجالات المتعلقة بالتنظيم المحلي و تهيئة الإقليم و التقسيم الإقليمي .
_ إن التشكيلة التي تميز بها مجلس الأمة الجزائري عبارة عن ترجمة للمكانة التي أرادها المؤسس الدستوري لهذه المؤسسة .
_ منحه نظاما خاصا من خلال منحه المعارضة التي تمكنه من المساهمة الفعلية في النشاط البرلماني و الحياة السياسية ، مما يسمح بترقية العمل الديقراطي و إرساء ضمانات للدفاع عن الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور .
_ بالنظر إلى التطور الملحوظ عبر الصعيد الزمني للغرفة العليا في البرلمان من حيث إتساع في مهامها و صلاحياتها البرلمانية خاصة في مجال التشريع و الرقابة وتحسين مركزها السياسي ، و تقوية مكانتها ، بالإضافة إلى عدم إمكانية حل المجلس ، إلا أنه تبقى هناك حدود و قيود التي تجعل من المجلس يبقى حبيس أعماله و أشغاله البرلمانية ، إذ لا يمكنه التحرك بصفة مطلقة إلا وفق بعض الشروط التي قيده بها الدستور ، خاصة ماتعلق بالتشريع في مجالات معينة مقارنة بالغرفة السفلى وكذا فيما يخص الرقابة على أعمال الحكومة ، والتي نجد أن بعض الآليات التي يصعب تحقيق شروطها من أجل تفعيلها ، بالإضافة إلى آليات أخرى يبقى مجلس الأمة محروم من مزاولتها .
وفي هذا الإطار إرتأينا إلى أن نقترح مايلي :
_ إعادة النظر في تركيبة مجلس الأمة و طريقة إختيار أعضائه و إختصاصاته و العمل على جعلها على أكبر قدر من التوازن و الإنسجام مع تركيبة و إختصاصات المجلس الشعبي الوطني.
_ إعادة النظر في إجراءات و كيفية ضبط النظام الداخلي لمجلس الأمة .
_ توسيع المجالات التشريعية التي يقوم فيها المجلس بالمبادرة بإقتراح القوانين .
_ تطوير عمل اللجان الدائمة من خلال إعطاء اللجان الدائمة إستقلالية أكبر من أجل ضمان بقاءها بعيدة عن كل تأثير من جانب الحكومة .
_ توسيع صلاحية إستدعاء اللجنة متساوية الأعضاء في حالة الخلاف بين غرفتين البرلمان الجزائري حول النص القانوني ليشمل رئيس مجلس الأمة مع تقييد حق إستدعاء اللجنة بأجل معين .
_ منح مجلس الأمة نطاق واسع في ممارسة الوسائل والآليات الرقابية من أجل مراقبة عمل الحكومة .