الخلاصة:
لموضوع نشاط الترقية العقارية في التشريع الجزائري، كان هذا القطاع يحضى بإهتمام مستمر من قبل المشرع الجزائري، من خلال سنه للقوانين والنصوص التشريعية التي تضبط هذا القطاع وترقى به إلى السبل المرجوة مع مواكبة التحولات الإقتصادية والسياسية وحتى الأمنية، الحاصلة خلال الفترات الزمنية، التي مرت بها الترقية العقارية في الجزائر في ظل النظام السياسي للبلاد.
الشيء الذي أدى إلى صدور المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري، الذي جاء بمفهوم جديد للترقية العقارية، عرفت من خلاله المشاريع السكنية منعطفا جديدا، حيث اعتبرت الترقية العقارية في ظل هذا المرسوم عملا تجاريا، كما فتح المجال أمام المبادرات الخاصة، فأصبح بإمكان المتدخلين العمومين أو الخواص القيام بعمليات الإنجاز وكذا تمويل المشاريع العقارية، إلا أن هذا المرسوم ظل يعاني من القصور وحكم عليه أيضا بالفشل، بسبب النصوص التي كان يحملها والتي كانت تعتمد في تطبيقاتها على آليات أخرى، ظلت غائبة إلى وقت متأخر، مما جعله عاجز عن تفعيل دور الترقية العقارية، وعليه بات من الضروري إعادة النظر فيه، وهذا ما كان حال عليه بالفعل، حيث تم إلغائه بموجب القانون رقم 11/04/ المحدد للقواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية، حيث أضاف هذا القانون أحكام جديدة لاسيما منها شروط الحصول على إعتماد لممارسة نشاط الترقية العقارية من أجل التوصل إلى تأطير جيد الذي بدوره يضمن مساهمة كبرى للمالكين المحتملين، وتعزيز حماية زبائن المرقين العقاريين، وأيضا هذا القانون جاء بمفاهيم جديدة للترقية العقارية من شانها أن تساهم في إبراز الدور الحقيقي للترقية العقاريـة، وبإجراءات قانونية صارمة لم تكن في القوانين السابقة.
إن قانون 11/04 إهتم بمهنة المرقي العقاري ونظمها من خلال المراسيم التنفيذية له، حيث أخضعها إلى عدة شروط وإجراءات لابد منها بالنسبة لأي شخص يريد أن يباشر هذه المهنة، أن تتوفر فيه الشروط المحددة، كما جاء القانون رقم 11/04 بألية جديدة تتمثل في عقد حفظ الحق وعقد البيع على التصاميم الذي يعتبر أهم ألية من أليات القانون رقم 11/04، الذي يعتبر العقد النهائي وهما من العقود الخاصة بالترقية العقارية.
فعقد حفظ الحق لا يعتبر ألية جديدة كليا، حيث نص عليه المشرع الجزائري في قانون 86/07 المتعلق بالترقية العقارية، لكن بكيفية مختلفة عن التي جاء بها القانون 11/04، فقد أحاطها المشرع في هذا الأخير بتنظيم جديد يتماشى مع متطلبات الحالية.
إن عقد حفظ الحق هو ألية قانونية قبلية، تمكن المشتري من حجز وحدة عقارية لدى المرقي العقاري إلى حين سداد الثمن الكلي، والإنتهاء من الإنجاز، كما تمكن المرقي العقاري من الحصول على ضمان التسبيقات التي يدفعها المشتري، مقابل حصوله على العقار المحفظ، وهذا ما نجده في الإلتزامات الواجبة على طرفيه، ويعتبر هذا العقد غير ناقل لملكية العقارالمحفوظ، كما أنه لايخضع لإجراءات الشهر رغم أن محلـه عقار.
وقد أصاب المشرع حين نص على عقد حفظ الحق، وذلك من اجل الحد من تعسف المرقي العقاري، وتماطله عن تنفيذ إلتزامه أو إفلاسه، ومن جانب آخر فإنه يحمي المرقي العقاري نفسه في حالة عدول المشتري أو رفضه دفع التسبيقات، ولهذا فإن عقد حفظ الحق يشكل حماية للجانبين وهذا طول مدة إنجاز البناء المتفق عليه.
أما فيما يخص عقد البيع على التصاميم، فإنه يشكل أهم ألية في قطاع الترقية العقارية، استحدثها المشرع في ظل المرسوم التشريعي رقم 93/03 المتعلق بالنشاط العقاري، كما أعيد تنظيمها في القانون 11/04 المحدد للقواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية، فهو التصرف القانوني الوحيد الذي يسمح من خلاله نقل ملكية العقار المنجز أو في طور الإنجاز في قطاع الترقية العقارية، حيث يحل محله على عقار غير موجود، وهذه هي الميزة التي تميزه عن عقد البيع العادي، بحيث يمنحه طبيعة خاصة به، وهو يعتبر عقد شكلي، يجب إفراغه في شكل رسمي، ويخضع إلى إجراءات التسجيل والشهر، مما يترتب عن ذلك بإنتقال الملكية العقارية (الأرض والبناء) محل الإنجاز بالرغم من عدم وجوده على أرض الواقع، ولكنه معين بالتصاميم، المرفقة والمصادق عليها، يمكن وجوده مستقبلا على الأرضية محل الإنجاز، وهذا بالتزام البائع بالإنجاز طبقا للمدة المحددة في العقد، وكذا الضمانات القانونية الخاصة، التي تخص هذا النوع من البيع.