استغلال وتنمية الأملاك الوقفية العامة في الجــــــــــــــــــزائــــــــــــــــــر

Abstract

إن ما ورد في بحثنا من حديث عن النظام الوقفي في الجزائر وتنميته وتحسين استغلاله يأخذنا للحديث عن إدارة الأوقاف، التي تعتبر في الوقت الحالي من أضعف الإدارات في الجزائر، وهذا لافتقادها للكفاءات البشرية والموارد المادية التي تساعدها في القيام بمهامها على أكمل وجه، لكنها تقف عاجزة لا تستطيع حتى فرض مراجعة الإيجارات الوقفية وفق الأسعار المطبقة في السوق، ولا تستطيع ضمان متابعة ميدانية جدية للمشاريع الوقفية، ولا حتى فرض نفسها كجهة عقارية لا يجب إهمالها أمام الإدارات العقارية المختلفة في البلاد. لذلك نرى وجوب مسايرة التطورات التي تعرفها وضعية الأوقاف في باقي الدول الإسلامية، وذلك بتحسين آليات الاستغلال وخلق مرونة تساعد في تدوير حلقة الاقتصاد بالنسبة للأوقاف وبالتالي للدولة ككل. ومن خلال ما سبق يجب أن نذكر عددا من العناصر تعتبر مقومات أساسية للتفكير في مستقبل تنمية الأوقاف في الجزائر ومنها: • تطور الاكتشافات العقارية الوقفية، فالإحصاءات تتحدث عن أكثر من 4621 عقار وقفي تم استرجاعها وتوثيقها من طرف إدارة الأوقاف الجزائرية، واسترجاع جزء من الأرشيف في الفترة العثمانية وهو الأن بالمركز الوطني للأرشيف حسب السيد وزير الشؤون الدينية والأوقاف . • منازعات عقارية وقفية كثيرة أمام العدالة: 600 قضية تم الفصل لصالح الأوقاف و400 قضية تنتظر الحل. • تسيير أوقاف متنوعة على 48 ولاية في بلد مساحته 2.3 مليون كيلومتر، يتولى متابعتها 26 وكيل أوقاف. • استثمارات وقفية جديدة يتم تجسيدها وفق استراتيجية طويلة الأمد تحتاج إلى طاقم إداري متخصص وعلى درجة عالية من الخبرة في مجال متابعة ومراقبة وتسيير هذه المشاريع. (من هذه المشاريع: مشروع الجامع الأعظم للجمهورية الجزائرية ، مشروع المركب الوقفي المتعدد الخدمات بولاية بجاية، مشروع المركب الوقفي المتعدد الخدمات بمدينة بوفاريك، مشروع الأربعين محلا للحرف التقليدية بولاية تيارت، مشروع المؤسسة الوقفية للنقل، مشروع مركب الحسن بن علي ببلدية الجلفة المتضمن مجموعة من السكنات الموجهة للإيجار وعدد من المكاتب...إلخ). لذا فإننا نرى أن الحديث عن ديوان وطني للأوقاف في الجزائر أصبح أكثر من ضرورة، وهذا نظرا لما يوفره هذا الديوان من إمكانات مادية وبشرية، وأيضا استقلالية في الإدارة والتسيير، فهذا الديوان إن وجد سيمكن إدارة الأوقاف من تجسيد العديد من الأهداف والتطورات التي نراها ضرورية لاستقلال وتنمية الأوقاف نذكر منها:  اعتماد طاقم إداري متخصص، لضمان الجدية والفعالية في إدارة الأوقاف الجزائرية التي ظلت لأمد بعيد تسير بطريقة عطلت ترقية الأوقاف بما يتوافق والمعايير العلمية الحديثة في مجال الإدارة. وإعادة تكوين وكلاء ونظار الوقف في مختلف الجوانب الفقهية والتقنية وحتى اللغوية، لِمَا تم من استرجاع لكتب(عقود) أوقاف منتشرة بالجزائر منذ عهد الدولة العثمانية من تركيا مكتوبة باللغة التركية.  اكتشاف واسترجاع وتوثيق عقارات وقفية ضاعت منذ العهد الاستعماري، وذلك من خلال مديرية البحث وحصر الأملاك الوقفية التي ستعزز بخبراء عقاريين في مجال المسح والحفظ والتوثيق العقاري،  استقطاب أوقاف جديدة من خلال استراتيجية إعلامية تعتمدها مديرية الإعلام والتسويق الوقفي تحث المحسنين على الوقف، وتعيد بعث ثقافة الوقف في الجزائر كمصدر لكسب الحسنات حتى بعد الوفاة. على غرار اعلان وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عن سنة 2014 كسنة وقف،  ترقية الاستثمارات الوقفية اعتماد مكتب للخبرة ملحق بالديوان يعمل بالتنسيق مع مديرية الاستثمار الوقفي،  ترقية الصناديق الوقفية، وذلك بالاعتماد على فكرة التخصص ونشر الأدوات المالية الوقفية وتطويرها لتصبح أداة تمويلية أساسية للمشاريع الاستثمارية الوقفية، كالآليات التي تحتاج تمويل كالقرض الحسن، وإعادة النظر في الصندوق المركزي للأوقاف،  تعزيز المنظومة القانونية الوقفية بما يوفر حماية أكبر للأملاك الوقفية، وهذا من خلال مديرية التنظيم والمنازعات، التي تدير قضايا النزاع الوقفي أمام الجهات القضائية، وطرح قانون موحد للأوقاف يعالج مختلف الاختلالات السابقة ويعيد للأوقاف طابعها الخاص، من دون إحالة للقوانين الأخرى، مع مراعات النقائص المسجلة من خلال الاحالات الخاطئة، أو الذي لم يصدر أصلا،  إقامة تعاون دولي في مجال الأوقاف، وهذا من خلال النشاطات التي تمارسها مديرية التعاون والعلاقات مع الخارج، والتي تبحث دائما عن سبل التعاون مع الهيئات العالمية المهتمة بالأوقاف (كالأمانة العامة للأوقاف بالكويت، الهيئة العالمية للأوقاف بالبنك الإسلامي للتنمية