الاثر المنشئ للقيد في السجل العقاري

Abstract

دراسة مدى تجسيد المشرع الجزائري للأثر المنشئ للقيد في السجل العقاري جراء تبـنيـه لنظام الشهر العيني بموجب الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري الذي نص صراحة في بعض مواده على مبدأ القيد المطلق و جعله هو مصدر الحقوق العينية العقارية سواءا كانت هذه الحقوق أو التصرفات أصلية أو تبعية، و يكون حجة على الكافة و لا يمكن لأحد أن يحتج بملكية حق عيني لم يشهر مسبقا، لكون أن عملية التقييد في السجل العقاري تمر بفحص دقيق و تخضع لرقابة مشددة التي تفرض عند القيد الأول بعد المسح أو بالنسبة للتصرفات و الإجراءات الأخرى واجبة الشهر التي ترد على العقارات بعد القيد الأول . و بمـــــا أن عملية القيد في السجل العقاري تعتمد أساسا على الأعمال المادية لفرق مسح الأراضي، ونظرا لعدم إستكمال هذه الأعمال لبطء سير عملياتها، و ذلك لما تتطلبه من إمكانيات مـــادية و كفــاءات بشرية هائلة فقد أبقى المشرع الجزائري على تطبيق نظام الشهر الشخصي بجانب النظام الشهر العيني، و ذلك ما أشارت إليه المادتين 19 و 26 من المرسوم التفيذي رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري، و اللتان تنصان على مسك مجموعة البطاقات العقارية و ترتيب بطاقات الملكية الخاصة بقطع الأراضي على التوالي، و على مسك المحافظين العقاريين مجموعة بطاقات عقارية مؤقتة خاصة بالعقارات الريفية يتم ترتيبها حسب الحروف الأبجدية لأسماء المالكين و ذلك بصفة مؤقتة إلى أن يتم إعداد مسح عام للأراضي في إقليم كل بلدية .

و تقتضي المعاملات العقارية الحديثة ضرورة إجراء القيد في السجل العقاري الذي يتمثل في مجموعة البطاقات العقارية التي يتم مسكها من قبل المحافظ العقاري، و هو ما سارت عليه معظم تشريعات العالم فقد أوجبت القيد كإجراء يضاف إلى الرسمية كركن لتكريس قيمة الحق إتجاه الغير، و بالتالي فأي تصرف أو عقد ينشئ الحق سواء كان هذا الحق حق الملكية أو ما يتفرع عنها من حقوق عينية كالإنتفاع و الإستغلال و الإستعمال ......، أو تلك التي تغير الحقوق العينية العقارية أو تنهيها يجب أن يتم قيده في السجل العقاري ليكتسب الحجية و القوة الثبوتية بين الطرفين و في مواجهة الغير، و حتى تلك العقود الملزمة لجانب واحد كالوصية و الهبة و الوقف و أيضا العقود الإدارية و القرارات الإدارية التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تعديل أو إنقضاء حق عيني لا يكون لها أي أثر لا بين الأطراف ولا في مواجهة الغير إلا من تاريخ القيد في السجل العقاري . و بناءا على ماسبق ذكره من أهمية القيد في السجل العقاري الذي يعتبر هو وحده الذي ينشئ الحقوق أو يعدلها أو يزيلها، و ذلك بفضل نظام الشهر العيني الذي إنتهجه المشرع الجزائري، و نختم رسالتنا هاته بمجموعة من الآراء و الإقتراحات التي نراها ضرورية لتدعيم المساهمة في إستقرار الملكية العقارية و حمايتها : - تفعيل عملية المسح العام للأراضي التي تعتبر القوام المادي لتأسيس السجل العقاري مع تحديد آجال إنتهائها و ذلك من خلال تدعيم هذه العملية بالوسائل المادية و البشرية و تكوين إطارات و كفاءات مهنية متخصصة و فتح فروع لمديرية مسح الأراضي على مستوى الدوائر .

- ضرورة تدخل المشرع لسد بعض الفراغات القانونية كما هو الحال بالنسبة للتقادم المكسب، فلا بد من النص صراحة على ضرورة عدم تطبيق قواعد التقادم المكسب في المناطق التي شملها المسح العام للأراضي . - الحث على قيد الحق المكتسب عن طريق الإرث، حيث جاء قانون السجل العقاري على إستثناء للحق العيني بالنسبة للميراث حيث لا يلعب الشهر دوره المنشئ للحقوق في هذه الحالة، لكن الشرع ألزم شهر الشهادة التوثيقية كلما أرادة الورثة التصرف في حقوقهم، في حين أن التشريعات الأخرى أعفت الورثة من رسوم قيد حق الإرث خلال مدة معينة و ذلك بهدف تحفيز الورثة على الإسراع بإتخاذ إجراءات الشهر - تكوين قضاة متخصصين في القانون العقاري على مستوى جميع الدرجات من محاكم، مجالس قضائية و محكمة عليا مع ضرورة إجراء تربص بالمحافظة العقارية و عقد ملتقيات و أيام دراسية بمشاركة المحافظين العقاريين و ذلك للإطلاع على الإشكالات القانونية التي تظهر من خلال تطبيقات القيد في السجل العقاري . - العمل على تحديث نظام السجل العقاري يالإعتماد على سبل الإعلام الآلي في إعداد البطاقات العقارية، الأمر المعمول به في الدول المتقدمة وفقا لتقنيات حديثة .