الخلاصة:
من خلال هذا البحث يتضح أن كل من الهبة والوصية يعتبران من عقود التبرعات الناقلة للملكية التي تعمل على تمتين العلاقات بين أفراد المجتمع، وهذا ما دعى إليه الله سبحانه وتعالى من خلال مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، لأن المسلمون عند الله إخوة ولهذا لابد من مساعدة بعضهم البعض في السراء والضراء.
وكذلك قانون الأسرة تطرق إلى الهبة ولكن ليس بشكل مفصل بل اقتصر على إرادة ضمن أسباب نقل الملكية، عني بوجه خاص بالشكل الذي يجب أن تفرغ فيه الهبة، ثم بعض الأحكام المتناثرة حول عوض وقبول الهبة ومسألة الرجوع فيها قاصدا من ذلك إحالة بقية الأحكام في الفقه الإسلامي إذ أنه اعتبرها من موضوعات الشخصية.
ومن فيها يأخذ عن المشرع الجزائري أن وضع الهبة في قانون الأسرة كان في غير موضوعه فمكان الهبة الطبيعي في الحقيقة في النظام القانوني هو من العقود المسماة في القانون المدني، إذ الأصل فيها أنها من الأحوال العينية باعتبارها مالا عاديا وليست لها صلة عضوية لا بالأسرة ولا بالأحوال الشخصية ولا حتى بالميراث.
و من الواقع بل حتى من حيث الأحكام فيأخذ على المشرع الجزائري أنه جعل الحيازة شرط صحة لعقد الهبة، وتخلفها يحدوا بهذا العقد نحو البطلان دون تمييز بين هبة عقار أو منقول، في حين أن التصرفات الواردة على العقارات كما سبق تناوله لا تنقل فيها الملكية إلا بالشهر لدى المحافظة العقارية، طبقا للأمر 75/74، وبتمام هذا القيد تنتقل الملكية في العقارات وترتب جميع آثارها سواء بين الأطراف اتجاه الغير.
كما أن المشرع الجزائري لم يتطرق لبعض العناصر الهامة في الوصية من بينها مثلا كيفية تقدير الثلث في الوصية بالمنافع والحقوق لابد من التطرق إلى هذه المسائل بوضوح نظرا إلى أهميتها ولدقتها.
كذلك يجوز للموصى الرجوع في وصيته مادام على قيد الحياة وفي كل قواه العقلية ولابد من توفر الشروط في كل أركان عقد الوصية، ولا تنتقل الوصية إلا بعد وفاة الموصي بصفة عامة وبالنسبة للعقارات فلا يتم نقلها إلا من تاريخ شهرها وتسجيلها في المحافظة العقارية، ولا يجوز أن تتعدى الوصية الثلث إلا بإجازة الورثة، ولا يجوز أن تكون الوصية للأبوين لأن كل من أموال الأبناء هي ملك للآباء، ولا يمكن أن تنتقل الوصية إلا بعد أخذ أصحاب الديون حقهم ودفع أجر غسل الميت وشراء كفنه وأخذ أصحاب التركة أي الأقارب حقوقهم.
وفي الأخير تعتبر التبرعات (الوصية والهبة) من بين أهم المساعدات الاجتماعية إذا تم تنفيذها وفق قوانين وقواعد شرعية لأن هذه الأعمال يؤجر عليها صاحبها يوم القيامة إذا كان الغرض منها وجه الله تعالى دون غيره م الأغراض الأخرى كالتفاخر والرياء لأن لها دور فعال في حياة البشرية وذلك لأهميتها في هذا الكون، لأنه قد يكون بعض الأفراد في أمس الحاجة لتلك الهبة أو الوصية كأن يكون لديه مرض مزمن ولا يوجد عنده المال لمعالجة هذا المرض ومنه يحصل الموصي على ثواب في الآخرة لأنه كان سبب لشفاء شخص من مرض.
