Abstract:
لقد زاد الاهتمام بحقوق الملكية الفكرية في الآونة الأخيرة ، و عقدت بشأنها معاهدات و اتفاقيات إلى درجة اهتمام العالم بانتهاك حقوق الملكية الفكرية أكثر من اهتمامه بانتهاك حقوق ، الإنسان ، و لقد حظيت اتفاقية تريبس التي تشرف عليها منظمة التجارة العالمية باهتمام كبير حيث شهدت المؤتمرات الوزارية للمنظمة نقاشات حادة و اعتراضات متكررة على بنودها من بمصالحها الأساسية و الضرورية المتعلقة لا صحة و ً طرف الدول النامية التي رأت فيها مساسا الغذاء ، و تضييقا لفرص البحث و التطوير،و عرقلة لنقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إليها.
و تؤمن اتفاقية تريبس مستويات عالية من الحماية لحقوق الملكية الفكرية ، تتناقض في معظم الأحيان مع مبادئ التحرير و دعاوى التعاون و التنسيق الدولي التي تقوم عليها المنظمة العالمية للتجارة أمها الحماية الممنوحة لبراءات الاختراع التي أصبحت سارية على المنتج النهائي و طريقة الصنع لمدة مبالغ فيها أدناها عشرون سنة في ظل سرعة دورة حياة المنتجات بسبب التطور التكنولوجي المتسارع ، في حين كانت براءات الاختراع سابقا لا تمنح إلا على لمنتج النهائي تاركة المجال للبحث و التفكير في طرق جديدة و مبتكرة لتصنيع منتجات متشابهة.
م على دول العالم تطبيق حماية ال لكية الفكرية بنفس ً و بموجب اتفاقية تريبس سيكون لزاما ن قدرة الدول النامية على ّ و هذا سيحد ، الصيغة و المستوى المعمول به في الدول الصناعية وضع أنظمة لحماية الملكية الفكرية تتناسب مع أوضاعنا ، و حاجتها الحقيقية ، و بالتالي ما على . ل تشريعاتها بما يتفق مع أحكام الاتفاقية ّ هذه الأخيرة إلا أن تعد
ّ لا – هذه الاتفاقية التي ظاهرها فيه الرحمة و باطنها من قبله العذاب ّ إن شك- لها آثار و انعكاسات سلبية تفوق بكثير ما يمكن أن تتحصل عليه الدول النامية من إيجابيات و مكاسب و تأتي صناعة الدواء على رأس الصناعات التي ستتأثر بشكل مباشر باتفاقية تريبس لارتباطها من التطور العلمي و التكنولوجي ، ً كبيرا ً الوطيد بالتكنولوجيا الدقيقة و المعقدة التي تتطلب قدرا ها التأثر يأتي من خلال الشروط التقييدية التي تفرضها شركات الدواء العالمية على عقود تراخيص صناعة الدواء مع الدول النامية ، و كذا الحقوق الاستشارية التي يتمتع بها صاحب براءة الاختراع التي تخول له منع الغير الانتفاع بها إلا بإذنه.
لا إعلان الدوحة بمثابة بصيص أمل للدول النامية من خ ل المرونات التي ّ و لكن طبعا يعد على الدول الصناعية و المخابر الكبرى ، فكان ً جاء بها بعد ضغوط الدول النامية و الأقل نموا كالتراخيص ،لقواعد المرونة الأثر الإيجابي على الدول النامية و لو بالشئ القليل المنتظر الإجبارية و عنصر نقل التكنولوجيا .
و بالمقابل نجد أن الصناعة الدوائية في الجزائر لها نفس خصائص مثيلاتها في الدول و تعتمد على تراخيص الإنتاج من ، ز على إنتاج الدواء الجنيس ّ ة ترك ّ صناعة فتي ، النامية المخابر و الشركات الدولية صاحبة براءات الاختراع .
الخاتمــــــة
- 66 -
2 فإعلان الدوحة المتعلق بالصحة العامة المنبثق من مؤتمر الدوحة سنة 001 ً انتصارا للدول النامية التي طرحت فيه قضية الصحة و الدواء بإلحاح مطالبة بضرورة إيجاد حلول سريعة لمعالجة الأمراض و الأوبئة المتفاقمة فيها ، و ضرورة مراعاة ظروفها و التعامل بمرونة مع حقوق الملكية الفكرية خاصة ا تعلق ببراءة الاختراع في مجال إنتاج و تصنيع الدواء و نقل التكنولوجيا المتعلقة بذلك ، و بالفعل من خلال ضغط الدول النامية نص إعلان الدوحة عن اتفاقية تريبس و الصحة العامة على حق الدول النامية في منح تراخيص إجبارية لإنتاج الأدوية الجنيسة و الاستيراد الموازي للأدوية في حالة الأزمات الصحية و الأوبئة و الطوارئ الوطنية ن بأن الدول المتقدمة لم تف ّ غير أن الواقع و بعد سنوات بي ، التي تحددها الدول النامية بنفسها بكل التزاماتها تجاه الدول النامية .
و قد قابل المشرع الجزائري للانضمام لاتفاقية تريبس و المنظمة العالمية للتجارة ، بمجموعة من الإصلاحات القانونية و الاقتصادية بما يتلاءم و أحكام المنظمة و الاتفاقية من ذلك . المتعلق ببراءة الاختراع 07/03ما جاء من تعديل في قوانين الصحة و كذا الأمر و يمكن أن نوجز مجموعة من النتائج و التوصيات : النتائج :
1- على اتفاقية تريبس تحقق مصالح الدول المتقدمة و ً أن حماية حقوق الملكية الفكرية اعتمادا ّ و الاتحاد الأوربي في استعادة نصيبها السوقي الذي تعرض للتآكل من ، على رأسها الو. م .أ . ت حقوقهم في الملكية الفكرية ّ خلال الانتهاكات التي مس - ذ 2 في حد اته ، بل هي ً درك الدول النامية بأن عملية نقل التكنولوجيا ليست هدفا ُ يجب أن ت تساهم في بناء المقدرة التكنولوجية المحلية . - يجب على الدول النامية أن تتعايش مع اتفاقية تريبس باستغلال قواعد المرونة ، و انتهاز كل 3 فرصة لإحداث أي تطوير أو مراجعة لها ،أو إعادة نظر . - أن اتفاقية تريبس ستكون لها آثار سلبية على صناعة الدواء خاصة بعد اكتشاف الخريطة 4 الجينية و بالتالي تحويل طرق العلاج من الأدوية التقليدية تدريجيا إلى العلاج بالجينات و البيوتكنولوجيا . - مشكل حماية المعلومات غير المفصح عنها التي ترعاها تريبس فهي عامل سلبي يؤثر على 5 الدول النامية و منها الجزائر لأنها تنتج الأدوية الجنيسة غير خاضعة للبراءة . % ، و أن مستقبل الصناعة 40 - أن سوق الدواء في الجزائر تهيمن عليها الواردات بأكثر من 6 وثيقا بظهور سياسة تحث على وصف الأدوية الجنيسة . ً الصيدلانية في الجزائر يرتبط ارتباطا - عدم وضوح رؤية استيراتيجة واضحة لتطوير الصناعة الوطنية ، تعكسها ضبابية في 7 المنظومة القانونية الصحية . ثانيا : التوصيات
الخاتمــــــة
- 67 -
- ضرورة إعادة صياغة قانون براءة الاختراع ليشمل نص جديد صريح بحماية الاختراعات 1 الصيدلانية . - تطوير الصناعة الصيدلانية المحلية و تشجيع الاستثمار المحلي بتقديم المساعدات و 2 التسهيلات للمخترعين و إنشاء المخابر . - الاستفادة من الشراكة مع الشركات من أجل نقل التكنولوجيا و الاستفادة من الخبرات في 3 مجال الصناعة الدوائية . - ضرورة شعور الوفد المفاوض لانضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة و كذا اتفاقية 4 تريبس بنقل المسؤولية أثناء المفاوضات ، من أجل اكتساب مزايا و استثناءات تساعد الدولة على بضرورة التعامل ّ دعم الصناعة الدوائية الوطنية من خلال التفاوض وفق إعلان الدوحة الذي أقر بمرونة مع حقوق الملكية الفكرية . - الاستفادة من قواعد المرونة في اتفاقية تريبس في تطوير الصناعة الدوائية . 5 و في الأخير إن موضوع الملكية الفكرية الذي عالجته اتفاقية تريبس متشعب المجالات تلتقي فيه الأبعاد الاقتصادية و القانونية و الثقافية و السياسية ، و لهذا يتطلب البحث فيه تظافر الجهود ، للبحث و الدراسة لهذا ً كما أن اتفاقية تريبس بما حوته من أبعاد و تناقضات تمثل مجالا واسعا فإن الباحثين لا يدعيان بأنهما قد استوفيا البحث كل حقه ، بل يقران بأن جوانب عديدة من الموضوع تحتاج أكثر إلى البحث و التقصي و الإلمام لعلها تكون من وجهات نظر مختلفة ، لهذا ندعو أهل الاختصاص لمعالجتها فيها ، و كل ما نتمناه و نرجوه أن نكون قد وفقنا و لو بالقليل في معالجة الإشكاليات المطروحة ، فإن أصبنا فمن الله و إن أخطأنا فمن أنفسنا و من الشيطان ، و ما توفيقنا إلا بالله .