Abstract:
رأينا من خالل هذا البحث المتواضع و الدراسة المختصرة مدى التقدم و التطور التي تحقق في
مجال حماية المتضررين جسديا من حوادث السيا ارت في التشريع الج ازئري بدءا بتطبيق القواعد
العامة و النصوص اآلمرة و التحرر من النظرية التقليدية باللجوء إلى القوانين الخاصة وذلك
في إمكانية تفادي اللجوء إلى الجهات القضائية والتي تتميز بالطول و التعقيد من ناحية
إجراءات التعويض وهذا بتمكين شركات التامين في تأدية دورها االجتماعي االيجابي في تكريس
هذه الحماية .
كما قد يعمد إلى تحديد المسؤولية في بعض األحول التي تفرضها ضرورة مراعاة الجانب
االقتصادي للمسؤول عن تعويض األضرار نظرا لتميز هته األضرار في هته األحوال بالطابع
االستثنائي فيقوم المشرع بوضع سقف ال يمكن أن يتجاوزه التعويض، ولو بلغ الضرر حدا
يفوق هذا التقدير ويكون هذا التحديد أيضا ملزما للقاضي.
وقد يترك المشرع المجال مفتوحا أمام األفراد، فيسمح لهم بوضع تعويض مسبق، فقد أجاز
القانون للمتعاقدين اللجوء إلى تقدير مسبق للتعويض في العقد الذي يرتب التزاماتها المتبادلة،
في حالة استحالة تنفيذها من قبل المدين أو التأخر في ذلك وهو ما يعرفه الفقه بالشرط
الجزائي. ويشترط الستحقاق هذا الشرط الجزائي ما يشترط لقيام المسؤولية المدنية من خطأ
وضرر وعالقة سببية من جهة ومن جهة ثانية وجوب إعذار المدين بتنفيذ التزامه، وال يستحق
الشرط الجزائي إال إذا أصبح تنفيذ االلتزام األصلي غير ممكن عينيا، وهو يتبعه في صحته وفي
بطالنه.
ومتى توفرت جميع هته الشروط كان الشرط الجزائي ملزما للقاضي يتعين عليه الحكم به دون
زيادة أو نقصان وهذا هو األصل إال أنه يجوز له استثناءا الخروج على هذا األصل باستبعاد
53
الشرط الجزائي كله إذا تبين له أن الدائن لم يلحقه ضرر، كما له أن يخفضه إذا ثبت أن التقدير
كان مفرطا أو أن االلتزام األصلي قد نفذ في جزء منه وال يجوز للقاضي الزيادة في مقداره إال
إذا ثبت أن المدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما.
وكذا الصورة المبسطة للمتضرر في حوادث المرور هي التي استحوذت على ذهن المشرع حين
إصدار األمر 74/15 و المعدل بقانون 88/31 و رغبته في مواجهة و رعاية ذللك نضرا
لالهتمام المتزايد و الرامي لحماية الضحايا من المخاطر الناجمة عن حوادث المرور اين اعتبر
المشرع الج ازئري حادث المرور حادث اجتماعي يضمن القانون التعويض لكافة ضحاياه مما
أدى به الى استبدال النظام التقليدي بنظام جديد و هو نظام الخطأ أو نضام التعويض الخارج
عن نطاق المسؤولية وتفسيرنا لذلك هو تعدد حوادث المرور التي يصعب في الغالب كشف
أسبابها أو يصعب إسنادها للخطأ الذي جعل من النظام التقليدي نظاما غير عادل وبذلك يكون
المشرع الج ازئري قد سبق غيره من مشرعي باقي الدول في موضوع حساس وخارج عن القواعد
التي كانت تحكم عقود التامين والتي كان يسيطر عليها مبدأ العقد شريعة المتعاقدين .
وقد اختلف كل من الفقه و القضاء في تحديد األساس القانوني لحق التعويض في مجال
حوادث المرور إال أن الثابت أن المشرع اعتمد نضام عدم الخطأ وهو نضام تعويض خارج
نطاق المسؤولية إال أن هذا النظام ليس مطلقا فقد يلعب الخطأ المنسوب للسائق دور في قيام
المسؤولية .
ونقول انه مهما كان األساس الذي اعتمده المشرع الج ازئري أثناء معالجته لحوادث المرور و
الذي نراه انه اعتمد نظرية الضمان وهي ضمان السالمة األشخاص الجسدية فيبقى غير
المختلف فيه أن المشرع قد قام بحماية ضحايا حوادث المرور الجسمانية ذلك أن تعويضهم
أصبح تلقائيا عند وقوع حادث المرور باعتباره حادث اجتماعي يضمن قانون لكافة الضحايا
تعويضا بغض النظر عن مسؤولياتهم في وقوع الحادث.
54
وأخيرا نقول انه يجب اتخاذ سبل الوقاية قصد تجنب اكثر لحوادث المرور وذلك بعدم التساهل
مع مخالفين قواعد قانون المرور السيما السائقين في حالة السكر ووضع برنامج خاص لتوعية
المواطن عن كيفية تجنب هذه المخاطر والتي هي في تزايد مستمر يوميا بعد يوم.