Abstract:
شهدت السياسة العامة كحقل معرفي تطورات و تغييرات منهجية وعملية ملحوظة، ففي خضم كل التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الأمنية التي عرفها العالم تغير مضمون ومفهوم السياسة العامة التي أصبحت أكثر تعبيرا عن مصالح و احتياجات أفراد المجتمع، وأكثر تجسيدا لمحصلة التفاعل والتمازج القائم بين النشاطات المختلفة للفواعل الرسمية منها و غير الرسمية ، وقد شهدت مدركات الأمن تحولات منذ نهاية الحرب الباردة تتمثل في توسع المفهوم التقليدي للأمن الذي يعنى أكثر بالجانب العسكري إلى المفهوم الحديث للأمن الذي يركز على الأمن الإنساني بمعناه الواسع ،إضافة إلى ذلك فقد شهد القرن الحادي والعشرين تغيرًا سريعًا في توازن القوى العالمية جنبًا إلى جنب مع العولمة و ظهور القطبية الأحادية و ما يمثله من تهديد لأمن و استقرار الدول خاصة الرافضة للهيمنة الغربية و الامريكية ، فقد حتم على الدول أن تعمل جاهدة على تقوية سياساتها الأمنية و جعلها تتماشى مع التطورات الأحداث الدولية خاصة مع ظهور الأزمات المالية و الاقتصادية و كذا انتشار ظاهرة الإرهاب و جرائم المعلوماتية.
أسباب اختيار الموضوع: تتلخص أسباب اختيار الموضوع في أمرين اثنين:
الأسباب الذاتية: والمتمثل في رغبتنا في التخصص في محال الأمن الوطني بصفته مجال واسع للدراسة يمكن معه التشعب إلى مجالات أخرى ذات الصلة.
الأسباب الموضوعية: والمتمثلة فهم وطبيعة السياسة الامنية الجزائرية من منظور السياسات العامة، تقودنا لدراسة العلاقة بين مفهوم الأمن و إمكانية الاستعانة به في رسم السياسة العامة في شقها الأمني في ظل مجموعة من محددات صنع القرار الأمني الجزائري.
الاشكالية: وعليه فان الاشكالية التي تطرح هي:
ماهي محددات صنع القرار في السياسية الامنية الجزائرية؟.
وللإجابة على هذه الاشكالية كان لزام عليا ان نطرح جملة من التساؤلات الفرعية هي:
ماهية السياسة الامنية و مؤسسات صنع القرار الامني الجزائري؟؟
ماهي مراحل و ميادين صنع السياسة الامنية في الجزائر؟
كيف يؤثر الموقع الاستراتيجي للجزائر في سياساتها الأمنية ؟
ما مدى تأثير الحراك الاقليمي وتجاذبات القوى الكبرى في المنطقة على السياسات المتبعة؟
الفرضيات: انطلقنا في بحث الإشكالية الموضوع ودراستها من الفرضيات التالية:
السياسية الامنية الناجحة هي نتاج جملة من مشاركة مختلف الفواعل الوطنية.
عدم اهتمام الجزائر بالمنطقة بالشكل الكافي يفسح المجال أمام قوى محلية وأجنبية للعب بمشاكل المنطقة.
الجانب الاقتصادي و التنمية جزء أساسي للقضاء على المشاكل الأمنية.
المنهج: من أهم المناهج المعتمدة في بحثنا:
المنهج التاريخي: كان من مواطن استعماله في الدراسة تتبع جذور التطور ومساراته التاريخية لبعض ما اقتضت ضرورة البحث والردوع اليه، مثل تطور النظام الجزائري تاريخيا.
منهج تحليل المضمون: استند اهمية الاستعانة به مما يهيحه من تخليل علمي للوثائق والشهادات والنصوص القانونية وغيرها من المصادر المعتمدة.
تقسيم الدراسة: للإجابة عن الإشكالية قمنا بتقسيم الدراسة الى فصلين:
يناقش الفصل الأول الإطار المفاهيمي والنظري حيث من خلاله تم تعريف الامن والسياسة العامة والأمنية والتطرق لمستويات والمقومات المتعلقة بالامن، ثم بيان خصائص ومراحل السياسة الأمنية.
أما الفصل الثاني فيناقش محددات السياسة الأمنية الجزائرية تطرقنا لمحددات الجيوسياسية والجيواقتصادية ثم لمحددات الجيواستراتيجية و للفضاء الساحل والمتوسطي، بعدها المحددات الثقافية و البيئية.