الخلاصة:
في هذا القرن تواجه البشرية مشاكل قانونية عديدة وخطيرة تتمثل في أن الكثير من الموارد التي تعتبر الانسانية وجودها اليوم من المسلمات معرضة للنفاذ مستقبلا، حيث يستهلك النشاط البشري كمية من الموارد الطبيعية تفوق بكثر على قدرة الأرض على إنتاجها بصورة مستدامة مما يجعلها مهددة للوجود على الأرض من قدرة إنتاجية على توليد الثروة وضمان الرفاه البشري. ونظرا لأهمية هذه المسألة فقد طور المجتمع الدولي منذ القدم عددا من الأنظمة القانونية المختلفة بغرض تنظيم استغلال الموارد الطبيعية وحمايتها.
والنظرة الدقيقة للتطور الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي و القانوني للمجتمع الدولي تقودنا إلى إدراك حقيقة واضحة، ألا وهي أن القواعد القانونية الدولية الخاصة بحكم وتنظيم هذه المناطق قد ارتبطت ارتباطا وثيقا وكاملا بتطور القانون الدولي، إن هذه المناطق تجعلنا نبحث في مجال الكشف على الصيغة القانونية لها مع تحديد طبيعة الحقوق التي يمكن للدول أن تتمتع بها، مما يطرح اشكالية رئيسية و التي تتمثل في ماهية النظام القانوني الدولي الذي يحدد إستغلال الفضاءات المدولة؟ في هذه الدراسة إعتمدنا المنهج الوصفي وذلك من خلال إعطاء وصف شامل وكامل للطبيعة القانونية لأعالي البحار و الفضاء الخارجي بوصفهما نطاقا مشترك واعتمدنا كذلك على المنهج التحليلي في تحليل تلك المعطيات القانونية الخاصة بالقانون الدولي العام المتعلقة بها من معاهدات واتفاقيات.
من خلال دراستنا إستنتجنا إن إقرار القواعد التي تتعلق بتنظيم واستغلال الثروات الموجودة في منطقة قاع البحار والمحيطات والفضاء، والنظر إلى تلك المنطقة ومواردها بوصفها تراث مشترك للإنسانية يمثل منعطفا مهما ليس فيما يتعلق بقانون البحار و قانون الفضاء فحسب، وإنما بالنسبة للقانون الدولي العام ككل، كما يمثل إقرار هذه القواعد حالة من تلك الحالات النادرة التي يسبق فيها القانون الوقائع ليضع تنظيم قانونية متكاملا يطبق في المستقبل، يعد نظام التراث المشترك للإنسانية النظام الأمثل لتلبية متطلبات واحتياجات الأجيال الحاضرة والمقبلة في ظل ندرة الموارد والافتقار لمصادر الطاقة.
