الخلاصة:
تعتبر جريمة الرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل،وهي رذيلة محرمة بنص القرآني صريح قال الله تعالى:(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) البقرة:188،ويقول الله تعالى في ذم اليهود:(سمعون للكذب أكلون للسحت) المائدة:42،وثبت عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه لعن الراشي والمرتشي لقوله صلى الله عليه وسلم: " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ و َالرَّائِشَ، وهو الذي يسعى بينهما "
إن نظرية الأموال العامة تحتل مرتبة بارزة في الدول الحديثة خاصة،وأنها كانت قد أثارت جدلا فقهيا في معظم دول العالم باختلاف أنظمتها السياسية الرأسمالية كانت أو اشتراكية، فبالنسبة للدول الرأسمالية وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية اتجهت بقوة نحو الأخذ بمبادئ الاشتراكية في توجيه وتخطيط اقتصادها الوطني،وممارسة الدول لكثير من صور النشاط الاقتصادي،والتي كانت قصرا على الأفراد وأدى إلى تأميم العديد من الأموال الخاصة وضمها إلى ملكية الدولة لتشكل نقطة انطلاق نحو تكوين المزيد من المرافق العامة ذات الصبغة التجارية والصناعية .
وتنفرد الأموال العامة بقواعد حماية خاصة ،تميزها عن غيرها من الأموال،نظرا لأهمية الكبرى التي احتلتها هذه الأموال باعتبارها ركيزة الدول في قيامها بوظائفها على النحو المنشود،و إذا كانت الدساتير وقوانين الدول ومن بينها الدولة الجزائرية والتي تسعى إلى إصلاح أجهزتها الإدارية وحمايتها دستوريا التزاما واقعا على عاتق كل من الدولة والمواطنين كمبدأ عام،فان القوانين العادية تكفلت بالنص على قواعد هذه الحماية .
ومن المظاهر البارزة في العصر الحديث الاعتداء على المال العام من قبل بعض الموظفين والهيئات والنقابات ...الخ، كأداء عمل أو امتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بأحد واجباته، وذلك مقابل منفعة خاصة له أو لغيره .
إن معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تعصف بنظامنا السياسي والاقتصادي والمؤسساتي يتطلب من الدولة الجزائرية القيام بضرورة إحياء دور الرقابة العامة على أموال العامة.
ومما يضاعف من أهمية موضوع البحث بعنوان: المسؤولية الجزائية للموظف العمومي عن جريمة الرشوة،تزامنه مع ظهور الاهتمام الواسع لمحاولات الإصلاح المالي والإداري ومكافحته.
وقد كان انشغالنا على هذا الموضوع فرصة ثمينة للتعرف على الجديد الذي جاء به قانون 06-01 بالوقاية من الفساد ومكافحته فيما يتعلق بجريمة الرشوة التي أصبحت تشكل هاجسا يؤرق الحكومات والمواطنين بمختلف مستوياتها.