الخلاصة:
ينفرد المجتمع الحديث بظاهرة تزايد الأشخاص المعنوية العامة و الخاصة على السواء و تعدد الأشكال القانونية لكل منها ، و لما كان محيط الأنشطة في المجتمع الحديث قد بلغ إتساعه حد الذروة ، فإن الأشخاص المعنوية قد نفذت إلى كافة مجالات الأنشطة الإجتماعية و فروعها بل إن الشخص المعنوي الواحد أصبح يمارس العديد من الأنشطة المختلفة في آن واحد ، و قد إرتبط بهذه الزيادة الفائقة لأنواع الأشخاص المعنوية و أنشطتها تعاظم في مخاطرها و أضرارها على الأفراد و المجتمع على السواء، نتيجة ارتكابها الأفعال المجرمة قانونا سواء وقعت هذه الجرائم في إطار مباشرة الأشخاص المعنوية لأنشطتها أو إرتكابها خارج نطاق هذه الأنشطة ، و بالرغم من أن جريمة الشخص المعنوي تتميز في الكثير من الأحوال عن جريمة الشخص الطبيعي بدرجة فائقة من الخطورة على الأفراد و المجتمع إذ قد تدمر الأمن و الإقتصاد الوطني للدول بما تملكه الأشخاص المعنوية من إمكانيات ضخمة و قدرات فائقة لا يملكها الشخص الطبيعي ، و هو ما جعل الفقه يكون السباق في التنظير لإمكانية منح الشخصية القانونية لمجموعة الأشخاص و الأموال التي ترصد لغرض تحقيق هدف ما، وهو ما يعرف بالشخص المعنوي ، ثم البحث في مدى إمكانية مساءلة الشخص المعنوي جزائيا عن الجرائم التي ترتكب من طرفه أثناء ممارسته لنشاطه، وهو ما جعل جل التشريعات الحديثة تتبنى فكرة الشخص المعنوي و من ثمة تنظيم نشاطه ووضع أسس مساءلته جزائيا في حالة إرتكابه الأفعال المجرمة قانونا ، وهو ما إنتهجه المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات الحديثة وفقا لتعديل قانون العقوبات رقم 04-15 المؤرخ في 10-11-2004 و القوانين الخاصة المكملة له و تعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم 04-14 المؤرخ في 10-11-2004