Abstract:
إن ظهور مقاربات جديدة للأمن وسعت في مدلولاته ومفاهيمه التي لم تعد تكتفي بالجوانب العسكرية والأمنية التقليدية بل اتجهت أكثر نحو الأبعاد الإنسانية، الاجتماعية، الاقتصادية، المعلوماتية، والتكنولوجية، كل ذلك مصحوبا بالتدويل لقضايا الأمن الداخلية من خلال تبني مقاربة الإنسان العالمي وما يمثله ذلك من تهديد لمفهوم السيادة الوطنية للدول، كل هذا مع ما صاحب نهاية الحرب الباردة من انتصار للقيم الديمقراطية الغربية والليبرالية الاقتصادية التي جعلت الأمن سلعة تباع في الأسواق العالمية في شكل خدمات أصبحت تعرضها شركات عالمية متخصصة، هذه الأخيرة ساعد في نمو عائداتها وازدهار نشاطاتها طبيعة التهديدات الأمنية والحروب الداخلية التي انتشرت انتشارا رهيبا بعد نهاية الحرب الباردة، زيادة إلى تنامي ظاهرة الإرهاب.
كل ذلك جعل من الشركات الأمنية الخاصة بديلا احترافية مناسبة لما تتوفر عليه من إمكانيات بشرية مؤهلة، ووسائل مادية متطورة بلغت حد امتلاكها للطائرات والأقمار الاصطناعية، مما ساهم في خلق سوق أمنية مزدهرة، تنامي فيها الطلب على هذه الخدمات من قبل الشركاتالعالمية العاملة في بيئات الحروب والنزاعات وخاصة الشركات البترولية وشركات التنقيب والمناجم والبنوك، وكذلك من قبل الحكومات خاصة في ظل تدني كلفتها الاقتصادية والأهم من ذلك تدني كلفتها القانونية من خلال تجنب المساءلة من قبل البرلمانات والمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني عند خوض الحروب أو إجراء العمليات الأمنية بالوكالة، إضافة إلى ما توفره من تهرب من المسؤولية الدولية ومن المحاسبة الداخلية، نظرا لما توفره من سرية تامة ودون فقدان ضحايا من القوات النظامية للحكومات المتعاقدة، حيث بلغ هذا التعاون أوجّه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 واحتلال العراق وأفغانستان.
إنّانتشار ظاهرة موظفي الشركات الأمنية الخاصة وعلى الرغم من كونها تطبيقا عمليا لنظرية العولمة القانونية من خلال مسارها العكسي وانتقالها من ظاهرة قانونية دولية إلى ظاهرة وطنية داخلية، لاسيما في دول العالم الثالث، إلا أنّ هذه الحركة التشريعية لم تصاحبها حركة فقهية وعلمية قانوني