Abstract:
تسعى هذه الدراسة إلى البحث في الأسباب الكامنة وراء الاهتمام الروسي بالمنطقة العربية، بقراءة توجهات السياسة الخارجية الروسية، خصوصا مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين للحكم، الذي كان نقطة فارقة في تاريخ روسيا، حيث أعاد رسم المعالم الكبرى للمصالح الروسية وجعلها أكثر براغماتية وواقعية؛ خاصة بعد سنة 2010 وما شهدته المنطقة من أحداث وتغييرات، فالثورات العربية من أهم المحطات التي تؤكد استعادة روسيا لمكانتها الدولية، حيث تجلت سياستها البراغماتية، بتدخلها في القضايا والأزمات التي تمس بمصالحها، فقد عملت كباقي الفواعل الدولية، على تدارك أحداث الحراك العربي، خصوصا أن مواقفها جاءت في البداية متذبذبة في كل من مصر، وتونس، واليمن، وليبيا التي كان نظام القذافي أحد أهم حلفائها؛ بينما الوضع في سوريا –الحليف الاستراتيجي لروسيا- كان مختلفا تماما، لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، حيث اتخذ صناع القرار في روسيا مواقف حاسمة ومتشددة داعمة للنظام السياسي السوري ورافضة لأي محاولة للتدخل الخارجي، سواء كان تحت غطاء الأمم المتحدة، أو في إطار سياسة انفرادية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة. والسلوك الخارجي الروسي في المنطقة العربية، في العموم مرتبط بمواجهة الهيمنة الأمريكية، حيث رأت في التدخلات الأمريكية تجاه الثورات العربية بمثابة محاولة لتكريس الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وهو ما ترفضه روسيا الاتحادية بدعواها المستمرة لإنشاء نظام متعدد الأقطاب، إضافة للتخوف الروسي من زيادة قوة الحركات الجهادية الإسلامية، التي تهدد الأمن الوطني الروسي.