الخلاصة:
تعتبر مسألة الحرية إذن، تعتبر من أهم الموضوعات الراهنة التي حظيت بالبحث والدراسة قديما وحديثا، ومكمن ذلك هو أنها سايرت الفكر الإنساني ابتداء من فلاسفة الإغريق القدامى وحتى عصرنا الحالي الذي من شواهده الانتفاضات العربية التي نادت بالحرية وبالكرامة الإنسانية. فالحرية ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الإنسان، وهذا ما أكده الإمام عبد الحميد بن باديس أن "حق الإنسان في الحرية كحقه في الحياة، ومقدار ما عنده من حياة هو مقدار ما عنده من حرية"
غير أن البحث في مفهوم الحرية يبين وأن هذا المصطلح يختلف باختلاف الزمان والمكان، وهذا يعني أنه ليس هناك مفهوم مطلق للحرية، فالحرية في النظام اليوناني القديم تختلف عن الحرية لدى مفكري الثورة الأمريكية والفرنسية، وهذه بدورها تختلف عن الحرية في القرن الواحد والعشرين.
فقضية الحرية كانت ولا تزال من أصعب المعضلات التي تواجه الفكر الإنساني، وأكثرها تعقيدا؛ لذا فإنها أثارت وتثير هذا القدر من المناقشات والتساؤلات لمعرفة الأسس التي تنطلق منها، والحدود التي تقف عندها. وعليه فان تعدد المفاهيم المرتبطة بفكرة الحرية بصفة عامة والحريات العامة بصفة خاصة إنما يرجع الى الاختلاف في أنماط السياسة التي تحكم شتى المجتمعات الإنسانية وتدير شؤونها. لكن يبقى أن نؤكد بأن جميع هذه الأنظمة والمجتمعات اتفقت على المبدأ القائل أن "حرية الفرد تقف عند حرية الآخرين".