Abstract:
تعتبر قضية المعاقين من القضايا الحساسة، التي أصبحت تلاحق اﻟﻤﺠتمعات قديما وحديثا، لدرجة أن أقدر وأحكم الأنظمة في العالم لم تتمكن من استئصالها نهائيا من بلدانها، إلا أن نسبة انتشارها يختلف من مجتمع لآخر، وذلك حسب درجة الاهتمام والرعاية التي يوليها اﻟﻤﺠتمع لها، بداية من الوقاية منها إلى العناية بأفرادها، من جميع النواحي (الطبية، النفسية، الاجتماعية والتربوية)، حيث أن العناية بالمعوقين تعتبر أحد الدلائل على تقدم أي مجتمع من اﻟﻤﺠتمعات، لذلك يعمل المفكرون المخلصون لخدمة الإنسانية جادين لتوفير سبل الراحة للمعوق، ما يجعله كفيلا في نمو وبناء شخصيته، وتأهيله بالشكل الصحيح والسليم، كي يصبح قادرا على العمل والإبداع.
لهذه الأسباب وأخرى أنشأت المراكز الخاصة بفئة المعوقين، وابتكرت الطرق التي تتلاءم معهم، ووضعت المادة التعليمية التي تتناسب مع مستوياتهم، ومن اﻟﻤﺠالات التي أولت اهتماما كبيرا بهذه الفئة، مجال الأنشطة البدنية والرياضية التي قدمت البرامج المعدلة والمقننة، وأساليب القياس والتقويم، ضمانا لحسن الممارسة، واستغلال جل الأهداف والغايات المنتظرة من هذا اﻟﻤﺠال.
وللممارسة الرياضية تأثير فعال على النواحي البدنية والنفسية والاجتماعية للمعوقين، ذلك أنها تمثل خيارا تربويا من شأنه أن يخلق بيئة تربوية خالية إلى حد كبير من القيود الاجتماعية والنفسية، ويستطيع المعوق حركيا أن يحقق أسمى طموحاته، ويستغل أقصى حد ممكن لقدراته المتبقية بتطوير الاستعدادات والسلوكات التي تنعكس إيجابا على بعض السمات الشخصية المرغوبة والمقبولة في اﻟﻤﺠتمع كالانبساطية والاجتماعية، والاستقرار الانفعالي حتى يندمج بسهولة ويحقق التوافق النفسي الاجتماعي.
والجزائر كغيرها من الدول اهتمت بهذه الشريحة وعملت على محاولة إدماجها في اﻟﻤﺠتمع، ولكن للأسف تم غياب الاهتمام بالنواحي النفسية الاجتماعية للفرد المعوق، بدليل قلة الدراسات التي تهتم بهذه الجوانب، فلا شك أن الفرد المعوق يتأثر كثيرا من هذه النواحي نظرا للآثار السلبية التي تتركها الإعاقة وهذا ما يؤثر على تكيفه النفسي الاجتماعي بصفة خاصة، وصحته النفسية بصفة عامة.
ولقد كان البحث العلمي المدعم بالتجارب الميدانية المرتبطة بالواقع في حدود مستويات الإعاقة الحركية المتباينة هو الأسلوب المستخدم لحل مشاكل الأداء البدني والممارسة الرياضية وكذا المشاكل النفسية والاجتماعية المترتبة عن الإعاقة، حيث سعى الباحثون مع مرور الزمن إلى سد ثغرات العمل مع هذه الفئة، وفكرة هذا البحث تعد إحدى المحاولات في هذا الميدان إذ يتطرق إلى: محاولة التأهيل الحركي لي المعوقين حركيا عن طريق برنامج رياضي للجمعيات، ووصولا لدراسة وحل اشكاليته سنقوم بدراسته على النحو التالي: نحاول كمدخل للبحث وضع إطار منهجي لإشكالية الدراسة التي تعمل على دراسة الانعكاسات والآثار الايجابية للممارسة الرياضية المكيفة في تنمية بعض السمات الشخصية لدى المعوقين حركيا، فالسمات الشخصية عند المعوق حركيا تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر على توافقه الترويحي و التنافسي و العلاجي.
ويخصص الباب الأول للجانب النظري الذي يحتوى على ثلاثة فصول :
الفصل الأول و الذي يتكلم على النشاط البدن المكيف . يتعرض الفصل الثاني الدوافع و منه مفهوم الدافعية و وظائف الدوافع و تطبيق وتقسيم الدوافع.
ويبرز الفصل الثالث الإعاقة الحركية ، الذي يعتبر عملية تربوية موجهة، لها أغراض وغايات، تتمثل في مساعدة الأفراد في تحسين لياقتهم البدنية، وتطوير حياﺗﻬم النفسية، للتغلب على الآثار السلبية التي تتركها الإعاقة وتنمية سماﺗﻬم المرغوبة والمقبولة اجتماعيا.
أما الباب الثاني فنخصصه للجانب التطبيقي، وسنتعرض فيه إلى إجراءات البحث التطبيقية في الفصل الأول، ولتحقيق الهدف من هذه الدراسة سيتم استخدام المنهج الوصفي لحل الإشكالية، والذي يعتبر من أكثر المناهج استعمالا في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية والرياضية، وفي الفصل الثاني سنقوم بعرض وتحليل نتائج الدراسة التطبيقية لأجل الوصول إلي الحقائق العلمية، والكشف عن المتغيرات المختلفة عن طريق أدوات البحث ، وتحليلها ومناقشة نتائجها بالعودة إلى الإطار النظري للبحث.