دور المنتخبي المجلس الشعبي البلدي في احداث التنمية المحلية

Abstract

هذا الموضوع من أعقد المواضيع وأكثرها تشعبا و تداخلا من حيث التنظيم والتسيير والتمويل، و ذلك لكون هذا المجال تتفاعل فيه عدة قطاعات وأجهزة إدارية وهيئات منتخبة، مما يفقدها في كثير من الأحيان التجانس والتنسيق بينها، بل يسودها التنافس للظفر بمركز اتخاذ القرار التنموي، ولو على حساب إهمال مصلحة المواطن. وهذا لا يرجع إلى إخفاق أحد الجوانب المدروسة ، بقدر ما يرجع بالأساس إلى إخفاق في كل تلك الجوانب مجتمعة مع بعضها البعض باعتبارها وسطا متكاملا يتفاعل فيه التنظيم الإداري المحلي مع التنمية المحلية لبلوغ الأهداف المنشودة. كذلك نلمس أن الدولة تسعى لإرساء نظام لا مركزي و حقيقي للجماعات المحلية، والتي تجلت في التأكيد على منح الجماعات المحلية كل الوسائل التي تمكنها من القيام بمهامها، بالإضافة إلى هذا فهي تحاول دوما التخفيف من أزمة الجماعات المحلية ولو بصفة مؤقتة، باتخاذ إجراءات جديدة متعددة ظهرت أساسا في عمليات تطهير ديون البلديات وخلق ضرائب جديدة وتحويل الموارد المالية وإن كانت بسيطة مقارنة مع حجم التزام البلديات بموجب جملة من النصوص. فقد أدى افتقار معظم الجماعات المحلية للموارد المالية إلى شلل في أجهزتها المحلية التي اتسمت في كثير من الأحيان بعجز في تحويل الاختصاصات المعترف لها نظريا، إلى واقع ملموس، مما أدى إلى فسح المجال أمام التدخل الحتمي للأجهزة المركزية واللامركزية ممثلة في الوالي ورئيس الدائرة للنهوض بالتنمية المحلية فهي عملية تشاركيه بين جميع مكونات المجتمع المتمثلة في السلطات التنفيذية المركزية والمحلية وأهل الخبرة والاختصاص من الإداريين والفنيين والمجتمع المدني وعموم المواطنين وقطاع الأعمال الخاص والعام المحلي والدولي، فبدون هذه العملية التشاركية لا يمكن تحقيق التنمية على أي مستوى كان، لأن حالة الانفصال بين هذه الفئات في العمل التنموي يقود إلى الفشل الحتمي للجهود، والعلاج يكمن في إتاحة الفرصة وتوفير المناخ للنقاش الواسع والحر والمسئول والمنفتح بين الأطراف السالفة الذكر والاستفادة من الخبرات وتبادلها، لأن الرأي الفني الصحيح والرؤية السياسية السديدة لا تتكون إلا في إطار النقاش البناء والحر وتبادل الحجج والأدلة بما يثري المعرفة العامة بمختلف مشكلات وتطلعات المجتمع، هذا التكامل رغم اعتماده مبكرا في الجزائر لا يزال شكليا ومؤقتا ومناسباتيا، بسبب تخوف الجهات الإدارية وحذرها من المشاركة التي لا تتوافق مع رغباتهم أو لعدم قدرة تأطيرها. وكذلك فان التنمية المحلية تتطلب وسائل مادية ومالية وبشرية وتشريعية وإلى إدارة تتمتع بالكفاءة والفعالية، تتمثل في الإدارة المحلية أهم متدخل ومعني بالتنمية المحلية التي يجب أن تكون مستقلة وشرعية وشفافة، وتتمتع بالإمكانات المالية الذاتية الكافية والموارد البشرية الضرورية من مختلف الأصناف والتخصصات، لأن الإرادة القوية والإستراتيجية الواضحة والإمكانيات المادية والبشرية الهائلة لا تصنع لوحدها تنمية ما لم يكن هناك جهاز إداري قوي وشرعي جاد وكفؤ وذا مستوى عال من الأداء قريب ومتفاعل مع الواقع المحلي، هذا العنصر هو ما ينبغي أن تجسده الجماعات المحلية (الإدارة المحلية) كمؤسسات دستورية عمومية حكومية شعبية، بالإضافة إلى المؤسسات المدنية والفنية ذات الاختصاصات المتنوعة. إن كفاءة المجلس الشعبي البلدي وفعاليته والتي تعني القدرة على العمل وبلوغ الأهداف بأيسر السبل وأقل التكاليف وفي أسرع وقت ممكن واكتساب رضى الوصاية والمواطنين، تتطلب جهازاً فنياً وإدارياً (عنصر بشري) يملك الخبرة والأهلية والتكوين والتحكم في التكنولوجيا ووسائل العمل المختلفة التشريعية والتنظيمية والعمليات الإدارية المتعددة من (تخطيط وتنظيم وإشراف وتقويم واتصال) وموارد مالية مستقلة وشخصية معنوية حقيقية واختصاصات فعلية محددة بدقة وواضحة وغير متداخلة ومستقرة. ان ضعف نوعية الأشخاص الذين يشغلون الوظائف القيادية على مستوى المجلس البلدي والإدارة العليا من حيث الكفاءة والقدوة والنزاهة والثقة، له ابلغ الأثر في الحد من فرص الاستفادة من الموارد المتاحة بأعلى درجة ممكنة من الكفاءة لتحقيق التنمية، لأن نوعية العنصر البشري من أهم العوامل التي تحدد وتتحكم في الحصيلة النهائية لمستوى الكفاءة الإنتاجية للإدارة بصفة عامة، فالخصائص الفنية في أي جهاز إداري تتأثر بنوعية الإنسان، ومهما كانت سليمة لا تقوى على القيام بالمسئوليات الملقاة على عاتق الوحدة الإدارية المعنية.