Abstract:
في بحثه عن السعادة و في مسيرته لإثبات الذات يعمل الإنسان منذ طفولته جاهدا على اجتناب الألم و المعانات و تحقيق اللذة التي تعتبر الهدف الرئيسي لهذا الكائن الحي على غرار الكائنات الحية الأخرى. بما في ذلك الرياضي الذي يسعى لتحصـيل النتائـج و تحقيق النجاح الذي يعتبر مقياسا إيجابيا نسبيا في تقييم الصحة البدنية، العقلية و النفسية و في التكيف الاجتماعي للفرد من جهة و اجتناب مأساة الهزيمة و التأخر من جهة أخرى.
يشكل التدريب الرياضي أساس ما يسمى بالرياضة التنافسية، الهدف الرئيسـي منه هو إعداد أو تحضير الفـرد الرياضـي أو الفريق الرياضي محاولة للوصول إلى أعلى مستوى رياضي ممكن في نوع معين من أنواع الأنشطة الرياضية. هذا الإعداد العام للرياضي تشمله تحضيرات: بدنية، تقنية-تكتيكية، نفسية و معرفية.
التحضير النفسي جزء من التحضير الشامل للنشاط الرياضي أين يمكن تمييز بين علم النفس التشخيصي و علم النفس المعرفي لمراقبة حالة الرياضيين في ظروف الحصص التدريبية و المنافسة. تم التركيز أكثر على التحضير النفسي لأنه يتضمن ما يسمى بالتدريب العقلي و هو موضوع دراستنا.
يمثل التدريب العقلي أحد الأبعاد المهمة في التدريب الرياضي الحديث و خاصة في المستويات العليا. و قد زاد انتشاره و تطبيقه بعد أن دعمت نتائج البحوث و الدراسات الدور الإيجابي الذي يقوم به في مجال اكتساب و تنمية المهارات الحركية، و الإعداد للدخول في المسابقات، و ما يقدمه من استراتيجيات عقلية تلعب دورا أساسيا في تحقيق التفوق.
يرجع الفضل في ظهور مفهوم التدريب العقلي إلى معالجي السلوك الذين أدخلوا أثر التصور العقلي في المجال النفسي وذلك لتغييره وتعديله للسلوك، وأخذ هذا المفهوم متسعا علميا بنهوض علم النفس المعرفي(1)
" لقد اكتشف الفيزيائي الكبير ألبرت إنشتاين النسبية بتخيله لنفسه مسافرًا جنباً إلى جنب مع حزمة من أشعَة الضوء عند سرعة 186000 ميل/ثانية. و ما رآه إنشتاين بعيون عقله لا يقابل أيَ شيء يمكن تفسيره وشرحه بالأفكار النظرية الحالية، و لم تلعب الكلمات المنطوقة و المكتوبة أي دور في تفكيره."
لكل فرد منا صور في عقله، البعض منا يستعملها بطريقة عفوية أما الرياضيون فيستعملونها بصورة نظامية قصد التدريب، لإحياء صور مشابهة للصور المدركة والتحكم فيها لتطوير القدرات المعرفية. إن فعالية التصور العقلي مربوطة بقدرة الرياضي على التصور، و هذا متوقف على مستوى قدراته العقلية لأنه من السهل على الرياضي المحترف إحضار صورا أكثر دقة و حيوية لمهاراته على عكس الرياضي المبتدئ.
الصور العقلية التي تتكون خلال التدريب العقلي تتسبب في بعض الاستجابات الفيزيولوجية وقد وضعت بعض المسلمات، منها أن عمليات التفكير ينتج عنها انقباضات في المجموعات العضلية المستخدمة لإنتاج الحركة التي يتم تصورها، وأن الأداء البدني يتضمن درجات من الارتباط بالنشاط العقلي(2)
يعتمد التفكير على عدة أنواع من الصور و على اللغة، وربما على قدرات أخرى لا نفهمها حاليا، حيث أن علماء النفس لم يبدؤوا إلا حديثا في اكتشاف عناصر التفكير. (3)
(1) THOMAS (RAYMOND), la préparation psychologique du sportif, (traduit par le
chercheur) 2éme éd, Vigot, 1994, p 107
(2) دافيدوف لندا، التعليم و عمليَاته الأساسية، الدَار الدولية للاستثمارات الثقافية، القاهرة 2000 ،ص 88.
(3) د.علاوي محمد حسن ، علم النفس التدريب و المنافسة الرياضية، دار الفكر العربي، ط1، القاهرة 2002،ص 62
بعد الإطلاع على بعض الدراسات المهتمة بالتدريب العقلي والتصور العقلي، اقتدنا أن نواصل البحث في هذا المجال من أجل تطوير مجازفة اللاعب الجزائري لكرة القدم لنجاعة الأداء التقني-تكتيكي الهجومي. و هذا لكون رياضة كرة القدم من الرياضات الأكثر شعبية في بلادنا.
يتضمن هذا البحث قسمين جانب نظري وآخر تطبيقي. بعد اطلاعنا على كـل ما له علاقـة بالموضوع، من بحوث، منشورات، مجلات ومراجع، قمنا بطـرح الإشكالية و وضع الفرضيات، تحديد المفاهيم، الدراسات السابقة، أهمية البحث وأسباب اختيار الموضوع، حيث انتقينا من الخلفية النظرية ما نحتاجه في الدراسة الميدانية لهذا البحث، سميناه بجانب نظري في هذه المذكرة، محتوياً ثلاث فصول بحيث الفصل الأول نتكلم عن التدريب العـقلي ، وفي الفصل الثـاني نـدرس تقنيات التصور العقلي، أما فـي الفصل
الأخير للجانب النظري نقوم بدراسة المجازفة في العملية التقنية-تكتيكية لرياضة كرة القدم. بالنسبة للجانب التطبيقي قسمناه إلى فصلين، الأول نتكلم عن طرق البحث وإجراءاته والثاني نقوم بعرض وتحليل النتائج.