الخلاصة:
أسمع عن أدب الهامش، إلا حین تم اقترحه كموضوع بحث خلال السنة النظریة من
مرحلة الماجستیر، وأعجبت بالموضوع لما فیه من ط ا رفة ، ولم یتبادر إلى ذهني حینها أنه
سیكون موضوع رسالتي، إذ تم اختیاره بمحض الصدفة، لعد أن عرضه علي أستاذي
المشرف.
وحقیقة الأمر أني قد وجدت متعة كبیرة أثناء إنجاز رسالتي، حین اتخذت من العصر
العباسي مجالا للد ا رسة، هذه المساحة الزمنیة التي تعتبر من أكثر العصور خصبا، بسطت
فیه الخلافة العباسیة نفوذها على جمیع الأقالیم وأحدث هذا الاتساع ص ا رعات سیاسیة
واجتماعیة واقتصادیة، ساعدت على تطور الأدب وتنوع نتاجه، ومنه الشعر الذي حظي
بمكانة كبیرة في هذه الحقبة، فلمع شع ا رء كنجوم مضیئة في سماء الحضارة العباسیة وأفل
نجم آخرین منهم، واقترنت الفئة الأولى بمظاهر المدنیة العباسیة وما فیها من ترف ولهو،
وارتبطت الثانیة بمظاهر التشرد والخوف والفاقة.
ولأن الشعر مرآة عاكسة للعصر بكل ما یكتنفه من أحداث، فقد عكس لنا الإبداع
الشعري العباسي لوحتین متباینتین، أولاهما واضحة المعالم، ا زهیة الألوان، وثانیهما غلب
علیها السواد فطمس معالمها، ومن هنا تأتني أهمیة تناول شعر هؤلاء أو ما اصطلح على
تسمیته شعر الهامش.
وهذه الد ا رسة رؤیة حا ولت فیها استیضاح جانب معین من أشعار المهمشین، الذین غیّب
نتاجهم، وظل متناث ا ر، رغبة مني في المساهمة الفعالة لتحدید معالم هذا الشعر، باقتطاف
نتف منه وتسلیط الضوء علیه بالد ا رسة والتحلیل، وتتبع الوسائل والسبل التي اتخذها الشع ا رء
لإثبات وجودهم، والتعبیر عن ذواتهم، ما یزید من تساؤلنا واستفسارنا حول هذا الموضوع
بتقصي الأبعاد الحقیقیة لأشعارهم، فما هي تصو ا رتهم وآ ا رئهم نحو الظروف المحیطة بهم؟
وما هو الوجه الخفي لأفكارهم وهم یستترون ویتوارون خلف البساطة والسذاجة؟
اقتضت طبیعة هذا الموضوع أن اعتمد على منهجیة تاریخیة تقوم على الرصد الوصفي
التاریخي لأنماط معینة من الأشعار خلال حقبة زمنیة محددة.
كما اعتمدت على المنهج الفني التحلیلي، الذي حاولت من خلال التنقیب عن طبیعة
وسمات هذا الشعر، واستقصاء الصور الجمالیة فیه.