الخلاصة:
مع نهاية هذا البحث المتواضع ، كان من الطبيعي الوصول الى جملة نتائج من حيث أن فهم الفكر السياسي لكا من الفيلسوفين " نيكولا مكيافيلي و توماس هوبز " يتطلب نوعا من الالمام بما قدمه الرجلان وهو الامر الذي لم يتح لنا بشكل موسع ، وكذلك ما كتب عنهما وتقدم من شروح الذين درسوا فكريهما وتعمقوا فيه ، وهذا بغية محاولة استيفاء الرجلين حقهما ومعرفة مدى تأثير فكريهما في عصر النهضة بل امتدادا لعصرنا الحالي .
1- مثل عصر النهضة نقلة نوعية في الفكر الانساني عموما والفكر السياسي الاوروبي خصوصا ، فقد شملت هذه الاستفاقة إن صح القول ، نقطة تحول في جميع مناحي الحياة السياسية الاجتماعية الاقتصادية الفكرية والفلسفية والفنية ، وبذلك تكونت ثورة علمية في أعقاب هذه الاستفاقة مطلع القرن الخامس عشر ، أعطت حرية الفكر وهو ما استفاد منه كل من مكيافيلي و هوبز ، رغم ما يقال بشأن حرية الفكر أنذاك من تحفظات خاصة من طرف السلطة الروحية ( الدينية ) ، وهذا هو الذي كان مغيبا في العصور الوسطى وطغيان رجال الدين وفرض وصايتهم ، وهو ما سمح بتشكيل روح جديدة تمارس التجديد والابتكار في مختلف المجالات والميادين .
2- عصر النهضة كان بمثابة الارهاصات الاولى لإصلاح ديني ، حيث كانت له الاهمية الكبرى ضد مساوئ ومفاسد الكنيسة ومبادئها وعقيدتها ورجالها ، فكان هدف هذا الاصلاح ردع هذا الفساد .
3- كان لميكيافيلي اهتمام خاص حول الحاكم ومنصبه فقد أكد وجوب تمتعه بالقوة المهارة والثقافة بغية الحفاظ على حكومته وفرض سيطرته ، فكان هدف الفكر الميكيافيلي هو أن الدولة غاية وهدف وجب على الشعب الحفاظ عليها بل تعداه الى أن يكون الشعب وسيلة في الحفاظ عليها وتحت لوائها تخدمها .
4- أما من ناحية علاقة الدين بالسياسة ، فقد أعلى هوبز من شأن وسلطان الحاكم ، وجعلها السلطة العليا التي لا تعلوا فوقها أي سلطة وهو الأمر الذي حصل كذلك مع مكيافيلي ، بطبيعة الحال لابد أن تخضع السلطة الروحية تحت لواء الدولة وجعلها أحد الاجنحة التابعة لسلطة الحاكم ، وفرض الرقابة على كل أفكار الكنيسة وآرائها ، وهكذا لم تعد للسلطة الدينية المكانة التي عرفتها طول فترة العصور الوسطى ، فهوبز حسم علاقة الدين والسياسة في أن طاعة الحاكم معناه طاعة الله ، ولابد للدين أن يذوب في سلطة الدولة ، وهو ما تجلى بوضوح في كتابه الليفياثان من أول صفحة رصعها بصورة تعكس توجهه وفكره السياسي .
وفي الاخير فإن الرجلين تقاطعا في كثير من النقاط أكثر مما اختلفا على الرغم من اختلاف البيئتين التي فرقتهما ، و يبقى هذا البحث قاصرا ومن خلاله نتعرف بالتقصير الكبير في حق الرجلين .