الخلاصة:
لا شك أن الأسرة تمثل الخلية الأولى المسؤولة عن تربية الطفل وإعداده للنجاح والتحصيل الجيد، وتشير الكثير من الدراسات إلى دور البيت والمناخ العائلي بما فيه الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة في التأثير على تحصـيل الأبناء وتهيئتهم للنجاح الدراسي والاجتماعي، ويذهب كليفان(Kellaghan) وآخرون إلى أن بيئة المنزل هي أقوى العوامل المؤثرة على تعلم الطفل في المدرسة، وأن لها تأثيرا واضحا على مستوى الرغبة في التعلم وعلى طول الفترة والجهد التي تتطلبها تلك المهمة.
وهذا ما توصلنا إليه من خلال دراسة العلاقة بين التحصيل الدراسي والعوامل الأسرية المؤثرة على التعلم لدى تلاميذ السنة الثالثة ثانوي، حيث أثبتت نتائج دراستنا وجود علاقة إرتباطية موجبة بين المتغيرين، أي كلما تحسنت الظروف الاجتماعية المتمثلة في المستوى الاقتصادي للأسرة والمستوى التعليمي للوالدين و العلاقات الأسرية داخل الأسرة كلما تحسن المستوى التحصيل الدراسي.
وفي النهاية نصل إلى نتيجة مفادها أن تكامل الظروف الاجتماعية والمادية للأسرة يؤدي إلى نتائج مرضية في التحصيل الدراسي للأبناء – والعكس صحيح- وأن توفر الوعي لدى الوالدين من مساعدة الأبناء خاصة المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، وهذا لا يكون إلا بتشجيع التعليم والحرص على نشر الوعي والثقافة ويكفي أن خير دليل على ذلك أن أول كلمة نزلت في الإسلام هي "اقرأ" وبهذا ندخل في دائرة مترابطة متواصلة تتجه دوما إلى هدف واحد نبيل وهو التشجيع على التعليم وتطوير العلم بمناهجه وبرامجه وهذا لمصلحة الأبناء أولا وقبل كل شيء ومن ثم تحقيق سعادة الأسرة وأخيرا لتعميم الفائدة على المجتمع ككل، فالإنسان المتعلم الواعي يسعى دائما لتحسين ظروفه الاجتماعية.
من خلال هذه الدراسة يظهر لنا مركزية موضوعنا في تفكير علماء الاجتماع والنفس، كما يبرز دور العوامل المتعلقة بالخلفية الاجتماعية الأسرية والاقتصادية بما فيها القيم السائدة في الأسرة والتي يتبناها التلميذ، من جهة أخرى فإن التمثلات الاجتماعية للنجاح لا تقل أهمية عن المحددات السابقة، فهي تمثل قطب دافعي قوي لتحفيز نشاط الأداء الجيد للتلميذ، كما تلعب متغيرات وسيطية أخرى كالقيم واتجاهات الأولياء نحو الدراسة والمدرسة، وصورة المعلم والتعليم في الثقافة والمخيال الشعبي دورا محوريا في تعزيز التحصيل الدراسي.