Abstract:
بعد الوقوف عمى األعمال والمبادئ والمواقف التي تميز بيا عيد صالح باي والدور
صالح ، وبيذا اتضحت الرؤية حول حكم صالح
الفعال الذي قام بو من إنشاء وتعمير وا
باي لمدينة قسنطينة عمى الرغم من أنيا لم تكن كافية لدراسة جميع الجوانب .
وأصبح الباب مفتوح لمواصمة العمل حول ىذه الشخصية الفذة وحول من سبقو من الحكام
ومن لحقو وفي األخير حاولت أن أختم ىذا العمل بأىم المميزات والخصائص التي اتصف
بيا صالح باي وامتاز ييا عيده ، وذلك حتى نخرج من ىذا البحث بتقييم شامل بسيرة ىذا
الباي ، وتمثمت ىذه االستنتاجات في النقاط التالية :
عرف صالح باي بشيرتو الواسعة حيث ذاع صيتو ألخالقو الرفيعة وصفاتو الحميدة
في مختمف أنحاء البالد ، فكان عصره في بايمك الشرق عصر نيضة ورخاء
وانتعاش خاصة في بداية عيده فقد امتاز بالشجاعة وتحكيم العقل وأصالة رأيو ،
كما أشاد بخصالو محمد صالح العنتري بقولو: >> بأنو رجل عاقل لو سيرة مميحة
وسياسة مستحسنة حميدة يسمع كالم الشاكين وينصر المظمومين <<
كان الفضل الكبير لصالح باي في توحيد القطر الجزائري بحدوده الحالية في بايمك
الشرق حول السمطة المركزية ، بقيامو بأعمال حربية أخضعت القبائل الثائرة
والممتنعة ، فيو يعتبر من أشير البايات العظام في تاريخ قسنطينة ، وأعالىم مكانة
دارة سوى محمد الكبير
، وال يماثمو من والة العيد العثماني آنذاك كرجل حرب وا
بالغرب الجزائري الذي اشتير ىو األخر بأعمالو القيمة . امتاز واشتير بسياستو العم ارنية وعرف بخدامتو الثقافية
كان الجامع األعظم الذي أحدث بنيانو المعمم والرمز وجذب مركز المدينة التجاري
حولو ، وتشجيعو لمحركة العممية واستحداثو لنظام دراسي دقيق .
تنظيمو لمؤسسة األوقاف وانعكاسات نشاطيا عمى الحياة االجتماعية في ترسيخ
القواعد الدينية السائدة ، والتي امن خالليا ساىمت في ازدىار قسنطينة .
تميز حكم صالح باي بفترتين مختمفتين لقسنطينة ، حيث أظير في بدابة حكمو
العدل واإلنصاف والرفق بالرعية ، وعرف كيف يحافظ عمى تأييد أعيان البمد
ومساندة شيوخ القبائل ، محتفظا عمى عيد الوالء والطاعة والعمل الصالح في الفترة
األولى ، أما الفترة الثانية ، وىي السنوات األخيرة من حكمو حيث تحول من سيرتو
األولى واستبد برأيو ولم يعد يرفق بالرعية أو يحترم رأي أعيان البمد وكان صارما في
مواقفو قاسيا في أحكامو ، كما أنو بالغ في مطالبو المالية والزيادة قي الضرائب التي
كان يأخذىا عمى سكان األرياف وىو ما ذكرناه سابقا عن القبائل ، وقال العنتري
عن سموكو ىذا بقولو : >> ولما قرب أجمو وحانت وفاتو تبدلت سيرتو وانعكست
حقيقتو << .
استطاع أن يكسب احترام العامة وتقدير أعيان البمد ، رغم المعارضة التي واجييا
صالح باي من شيوخ الزوايا ورؤساء العشائر التي ساىمت في عزلو بسبب تغيير
سياستو في الحكم ، ووصفوه بالشدة والقسوة عمى أعدائو ومنافسيو وأن ىذه األعمال
الوحشية ال تغتفر إال أن ىذه القوة كانت مطموبة في الحكم ولإلدارة آنذاك .
كانت نياية صالح باي الحد الفاصل بين عيدين مختمفين من الحكم العثماني
لمجزائر ، فقد عرفت الجزائر قبل حكمو وأثناء عيده التطور واالزدىار واالستقرار ،خاصة في عيد الداي محمد عثمان باشا )1776/1791م( الذي اشتير حكمو
باسترجاع مدينة وىران والقضاء عمى االسبان ، إذن فعيد صالح باي جاء متوسطا
بين استقرار الحكم في القرن 18م وبين تذبذبو ، وانتيى مضطربا ، ويرجع ذلك إلى
سياسة الدايات المتشددة وكذلك ضعف مركز البايات وتغيير سياستيم والتنافس عمى
79
المناصب أدى إلى الثورات واالغتياالت الكثيرة وتردي األوضاع الثقافية واالجتماعية
، واالنييار االقتصادي بسبب تآمر واحتكار الييود عمى التجارة .
جاء عزل صالح باي مفاجئا لو وفي وقت لم يكن يتوقعو من خالل زيارتو لمداي
لذلك قام بالتمرد الذي لم يكن يخطط لو ، ألنو اعتبر ىذا العزل اىانة لو وعارضو
خاصة بعد المدة الطويمة التي قضاىا في الحكم عمى بايمك قسنطينة ، ولم يجد من
يسانده أو يدعمو من أىل المدينة وأعيانيا ، وىذا يدل عمى أنو لم يكن يخطط
لالنفصال عن السمطة المركزية واالستقالل ببايمك الشرق .
نالحظ أن صالح باي رغم غضبو عمى ق ارر العزل إالّ أنو لم يمجأ إلى من يساعده
خاصة من جاره باي تونس ، أو االرتماء في أحضان الدولة العثمانية لحمايتو أو
المجوء إلى الييود لكي يشفع لو عند الداي لمبقاء في الحكم ، ومجاراتيم في