Abstract:
لم ينشغل مالك بن نبي طوال حياته إلا ليقظة الأمة فانكبّ على تاريخها يدرسه وعلى حاضرها يلاحظه ويتأمله وعلى مستقبلها يرسم معالمه، فبيّن أطر الحضارة وأرسى نظرياته فيها ودعا للنهضة وأوضح شروطها، وحدد أهداف الاستعمار ومناهجه، كل ذلك حوته مفكرته وعبرت عنه أقلامه وكتاباته .
لقد ولد بن نبي في محيط مدينة عريقة لها باعها في الفكر والثقافة، معروفة برجالاتها وعلمائها أمثال بن باديس والأمير خالد وبن مهنة وبن رحال والمجّاوي وغيرهم وشهد نضالاتهم ضدّ الاستعمار، بيئة كان لها التأثير الواسع في تبلور فكر مالك بن نبي هذا الفكر سرعان ما غذته مستجدات الأحداث وتنقلاته داخل الوطن وخارجه.
انطلق مالك بن نبي من واقع المجتمع الجزائري في ظل الإستعمار الفرنسي يدرس مشاكله باحثا عن حلول لها، جاعلا منها منطلقا لمعالجة مشاكل العالم الإسلامي قاطبة والتي تجمع بين مجتمعاته مشكلة الإستعمار، فأوضح مالك بن نبي نظرته للاستعمار ووصفه "بالنكسة التاريخية" وبين أهدافه ورصد مواطن الضعف في الأمة وقابليتهم للاستعمار.
انبرى مالك بن نبي في كتاباته للاحتلال الفرنسي للجزائر وبين الأوضاع المترتبة عنه وانعكاساتها على المجتمع الجزائريعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديني والسياسي، وأشاد بنضال الشعب الجزائري السياسية والعسكرية وبين مواقفه منها.
اعتبر مالك بن نبي الثورة الجزائرية أعظم ثورة في القرن العشرين، وأنّها تغلب للشعب عن بيئته وأنها ثمرة جهد هذا الشعب وثمار الحركةالإصلاحية وكذا الحركة الوطنية وأنها نموذج عالمي لكل الثورات في نطاق التحرر من الإستعمار.
لقد وقعت الثورة الجزائرية في أخطاء رصدها مالك بن نبي منوهاً لها،وأنّ الثورة ينبغي ألا تخشى أخطاءها وإلاّ فإنّها ليست بثورة، كما وجه انتقاداته لتصرفات بعض القادة وما آلت اليه أحداث ما بعد الثورة.