الخلاصة:
لا يمكن لأية دولة مهما كان نظام الحكم فيها أن تستغني عن التشريع وتحديدا الدستور.
لأن الدستور إضافة إلى كونه مصدر تشريع رئيسي، فهو ضامن لحقوق الأفراد والجماعات
كما أنه حام للحريات العامة والعدالة الاجتماعية داخل المجتمع وضمن الإطار الكبير ممثلا في الدولة، ومنظّما لمختلف السلطات ومؤسسات الدولة ، ومحددا للتوجّهات التنموية والاقتصادية ،ومحددا للأطر الرّقابية .
وبحكم التطور الرهيب الذي تعرفه المجتمعات على جميع الأصعدة ، فإنّه يتعين على القائمين على هرم السلطة ومن منطلق الدستور نفسه مواكبة تلكم التطورات ومسايرة المستجدات .
وقد ضمن الدستور لنفسه حق التعديل متى حلّت ضرورته ، من خلال بعض مواده التي كرّسها لتأكيد هذا الحق ، وإلا فإن نصوص الدستور إن لم يتم الارتقاء بها تكيفا مع متطلب الحاضر من تقدم سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي .... فإنها تعتبر ميتة لا تخدم المجتمع في المجالات المذكورة ولا جدوى من وجودها .
غير أن الدستور وإن كرّس مبدأ التعديل فإنه وضّح إجراءاته وحدوده القانونية في إطار يحفظ المبادئ العامة التي يقرّها الدستور ذاته ، وفتح مجال التعديل لباقي مواده ضمن كل أبوابه لتساير الظروف الرّاهنة من تقدم على كل المستويات .
ونجد مبدأ التعديل مكرّسا في تاريخ الدساتير الجزائرية لتحقيق غايات وحاجات فرضتها
الأوضاع الآنية ،وأفرزتها الظروف كمتطلبات ماسّة وضرورية.
والتعديل الدستوري في الجزائر حق مكفول دستوريا لرئيس الجمهورية في إطار المبادرة ويعرض للتصويت أمام غرفتي البرلمان وعلى الشعب لإقراره . وقد لا يعرض على الاستفتاء الشعبي ما رأى المجلس الدستوري أن التعديل لا يمس المبادئ العامة وحقوق الإنسان، والتوازنات الأساسية للسلطات، والمؤسسات الدستورية ،إذ يمكن في هاته الحال أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي البرلمان .
وقد منح الدستور أيضا حق اقتراح التعديل من قبل ثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين معا، كمبادرة أمام رئيس الجمهورية الذي يمكنه عرضه على الاستفتاء الشعبي .
