Abstract:
يعاني المجتمع المدني في الجزائر من تشوه كبير في بنيته المؤسسية حيث تتمحور هذه الأخيرة على شخص الرئيس أو عدد محدود من الأعضاء المؤسسين، وال تسمح بالتداول المرن على قيادتها، كما أنها تفتقر إلى أبجديات الممارسة الإدارية الرسمية، حيث يمثل القانون الأساسي والجمعية العامة وحتى مكتب الجمعية مجرد إجراءات شكلية للحصول على الاعتماد، ومن ثم تتخلى هذه المؤسسات عن طابعها المؤسسي الرسمي، فتصبح اللقاءات التلقائية بديلا عن الاجتماعات، وتصبح المنظمة كما لو أنها ملكية خاصة لرئيسها، فيقال "جمعية فلان" و تنسب لرئيسها بدال عن التسمية الرسمية لها.
تتمتع الجمعيات بهامش من الحرية، وتعتمد على الدولة في تمويلها، ورغم أن علاقتها بالدولة تبدو في ظاهرها عالقة تعاون، غير أن معايير تقديم المساعدات المادية والتعاون والاستشارة ، كلها غير محددة وغير واضحة، وتعتمد على شطارة الرئيس، وهو ما يجعل هذه العلاقة علاقة تبعية وخضوع لاعلاقة شراكة وتعاون. ومن هنا نجد أن المجتمع المدني يشكل آلية للهيمنة وإنما ينظر إليه كمنافس للدولة ولهذا تسعى الدولة للحد من نموه وقوته من خلل تكريس تبعيته.