الخلاصة:
كان الأدب ونقده من أھم ما استحوذ على اھتماماتھم و نال القسط
الأوفر من غایتھم و ما عكاظ و غیره من الأسواق الأدبیة إلا أمثلة حیة و شواھد ناطقة
على أھمیة الأدب في حیاة ھذه الأمة و التي وجدت في أدبھا شعرا و نثرا السجل الذي
تسطر فیھ مآثرھا و مفاخرھا و أیامھا و حروبھا ، و تاریخھا و الوسیلة التي یكون بھا
ترفیھھم عن أنفسھم و فرارھم ، من وطأة الحیاة الثقیلة إلى عالم الأدب ونقده لما فیھ من
عواطف ملتھبة ، و مشاعر جیاشة ، و أحاسیس صادقة و الأدب العربي و ما تبعھ من نقد
فھو معبر عن الوفاء و الأسى على من نفقده من الأھل و الخلان و الأحباب فیرثیھم المرء
بأشعار تخفف لوعة قلبھم و أسى فؤاد الكریم لفراق من كان یأنس بھم أو یحتمي بحماھم أو
یشطل بجانبھم ، ولھذا كان یحلو للعربي شاعرا أو ناقدا أو متلقیا الأدب في مجالسھم و
یتغنوا بالأشعار و ینتقدوا بعضھم و یتبادلوا أطراف الحدیث و یتسامروا فیما بینھم و بما أننا
نتكلم عن الأدب أو الشعر فلزم الأمر التكلم عن لب ھذا الموضوع ألا وھو النقد عامة و
النقد الانطباعي (الفطري) خاصة حیث أن ھذا الذوق تربى عند العرب فاتصل ھذا الذوق
بإحساسھ و بفكره و بمخیلتھ و أقر الجمیع ھذا الذوق حتى أصبح ذوقا عاما ، و كیف لا ؟ و
ھذا الذوق الانطباعي نشأ في ظل العادات و التقالید و أنماط التعبیر التي اقتضتھا طبیعة
التكوین الاجتماعي لحیاة العرب آنذاك ، فصدرت أحكام العرب مرتجلة نتیجة لھذا التذوق
المباشر الذي أحس بھ الناقد و جاءت موجزة بعیدة عن التعلیل و التدلیل و التفصیل ، و إن
وجد فھو تعلیل جزئي ولا یتعارض مع ما نقولھ من تحكیم الانطباعي النقدیة و جعلھ أساسا
مھما لصدور الأحكام النقدیة التي كانت مبنیة على الانطباعیة التي قد تمس الجمال دون
التعرف عن السبب و قد یعرف سببا لكن دون الإفصاح عنھ و أیضا نجد ملكة النقد عند
العرب القدامى كانت انطباعیة ذات ذوق فني محض و ان الفكر و ما ینبعث عنھ من تحلیل
و إستباط ذلك شيء لا نعرفھ عندھم .